للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المسلمون في أسواقهم وبِياعاتهم (١) على ذلك، ولم يُنقل عن النَّبيِّ ولا عن أحدٍ من أصحابه استعمالُ إيجابٍ وقَبولٍ في بيعهم، ولو استُعمل لنُقِل نقْلاً شائعًا، ولبيَّنه النبي ؛ لعموم البلوى به، ولم يَخْفَ حكمُه.

(مِثْلَ (٢): أَنْ يَقُولَ: أَعْطِنِي بِهَذَا الدِّينَارِ خُبْزًا، فَيُعْطِيَهُ مَا يُرْضِيهِ، أَوْ يَقُولَ الْبَائِعُ: خُذْ (٣) هَذَا بِدِرْهَمٍ، فَيَأْخُذَهُ)؛ لأنَّ الإيجابَ والقَبولَ إنَّما يُرادان للدَّلالة على التَّراضي (٤)، فإذا وُجد ما يدلُّ عليه من المساومة والمعاطاة؛ قام مقامهما، وأجزأ عنهما؛ لعدم التَّعبُّد فيه.

والثَّانية: لا يصحُّ؛ لأنَّ الرضا أمرٌ خفِيٌّ، فأُنيط بالصِّيغة، وكالنِّكاح.

ولكن يُستثنى (٥) منه: البيعُ الضَّمين، كما إذا قال: أعتق عبدك على كذا.

(وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَصِحُّ هَذَا إِلاَّ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ)؛ أي: في المحقَّرات خاصَّة، وهو روايةٌ، واختارها ابن الجَوزيِّ؛ لأنَّ اعتبار ذلك في (٦) اليسير يشقُّ، فسقط دفْعًا للمشقَّة.

وأصل ذلك: قوله تعالى: ﴿إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النِّسَاء: ٢٩]؛ هل المعتبر حقيقة الرِّضا، فلا بدَّ من صريح القول، أو ما يدلُّ عليه، فيُكتفى بما (٧) يدلُّ على ذلك؟ فيه قولان للعلماء.

قال في «الفروع»: (ومثله: وضع ثمنه عادةً وأخذه)، وظاهره: ولو لم يكن المالكُ حاضِرًا.


(١) في (ح): وتباعاتهم.
(٢) في (ح): وهو.
(٣) في (ق): بعتك.
(٤) في (ق): الرضى.
(٥) في (ح): استثني.
(٦) زيد في (ح): الشيء.
(٧) في (ح): ما.