للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَهِيَ (١) بَيْعُ الرُّطَبِ فِي رُؤُوسِ النَّخْلِ)، فلو كان على وجْه الأرض؛ لم يَجُز؛ للنَّهي عنه، والرُّخصة وردت في بيعه على أصوله بحكم الأخذ شيئًا فشيئًا؛ لحاجة التَّفَكُّه، وقد رُوِي عن محمود بن لَبِيدٍ قال: قلت لزيد: ما عراياكم هذه؟ فسمَّى رجالاً محتاجين من الأنصار شَكَوْا إلى النَّبيِّ أنَّ الرُّطب يأتي (٢) ولا نَقْد بأيديهم يبتاعون به رُطَبًا، وعندهم فضول من التَّمر؛ فرخَّص لهم أن يبتاعوا العرايا بخَرْصها من التَّمر الَّذي في أيديهم يأكلونه رطبًا. متَّفقٌ عليه (٣).

(خَرْصًا)، لا أقلَّ ولا أكثرَ؛ لأنَّ الشارع (٤) أقام الخَرْص مقام الكَيْل، فلا يُعْدَل عنه، كما لا يُعْدَل عن الكيل فيما يُشترَط فيه الكيل (٥).

(بِمِثْلِهِ مِنَ التَّمْرِ)، فلا يجوز بيعُها بخَرْصها رُطَبًا، ويُشترَط كون التَّمر مثل ما حصل به الخرص، من غير زيادةٍ ولا نُقْصانٍ؛ لِمَا رَوَى التِّرمذيُّ من حديث زَيدٍ: «أنَّه أذِنَ لأهل (٦) العرايا أن يبيعوها بمثل خَرْصها» (٧).


(١) في (ح): وهو.
(٢) في (ظ): تأتي.
(٣) لم يخرِّجاه، وتبع المصنفُ في ذلك ابنَ قدامة في الكافي ٢/ ٣٨، وإنما ذكره الشافعي معلقًا في الأم (٣/ ٥٤)، وعنه البيهقي في المعرفة (١١٢٧٣)، قال ابن عبد البر: (وروي عن محمود بن لبيد بإسناد منقطع) ثم ذكره، قال ابن عبد الهادي: (وهو وهم، فإن هذا الحديث لم يخرج في الصحيحين، بل ولا في السنن، وليس لمحمود بن لبيد رواية عن زيد في شيء من الكتب الستة، وليس هذا الحديث في مسند الإمام أحمد، ولا السنن الكبير للبيهقي، وقد فتشت عليه في كتب كثيرة فلم أر له سندًا)، وكذا ذكر ابن حجر أيضًا. ينظر: التمهيد ٢/ ٣٣٠، تنقيح التحقيق ٤/ ٥١، التلخيص الحبير ٣/ ٨١.
(٤) في (ح): المشارع.
(٥) في (ح): المكيل.
(٦) في (ق): لأجل.
(٧) أخرجه أحمد (٢١٦٥٧)، والترمذي (١٣٠٠)، وإسناده حسن، فيه: ابن إسحاق وهو صدوق، ووقع فيه وهم لابن إسحاق حيث جعل الحديث كله لزيد بن ثابت، والصواب أن النهي عن المحاقلة والمزابنة من حديث ابن عمر، والإذن في العرايا لزيد، قال ابن حجر: (ولم يفصل حديث بن عمر من حديث زيد بن ثابت، وأشار الترمذي إلى أنه وهم فيه، والصواب التفصيل)، وأما المتن فتابعه عليه أيضًا بمثل هذا اللفظ يحيى بن سعيد عن نافع، كما عند أبي عوانة (٥٤٧٢)، بسند صحيح. ينظر: الفتح ٤/ ٣٨٥.