للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عكسه، ومعناه: أن يعتقد أن ما ادَّعاه حقٌّ، والمدَّعى عليه يعتقد أنه لا حقَّ عليه (١)، فيدفع إلى المدَّعي شَيئًا؛ افْتِداءً ليمينه، وقطعًا للخصومة، وصيانةً لنفسه عن التَّبذُّل وحضور مجلس الحكم، فإنَّ ذَوِي الأنفس الشَّريفة يَصعُب عليها ذلك، ولأِنَّ الشَّريعة وَرَدت بجلب المصالح ودرء المفاسد، وهذا كذلك؛ إذ (٢) المدَّعي يأخُذ عِوضَ حقِّه الثَّابت له في اعتقاده، سواءٌ كان المأخوذُ من جنس حقِّه أو لم يكن، لكن إن أخذ من جنس حقِّه؛ لم يَجُز بأكثرَ؛ لأِنَّ الزَّائدَ لا مُقابِل له، وإن كان من غير جنسه؛ جاز.

وظاهِرُه: أنَّه إذا ادَّعى عليه وَدِيعةً، أو تَفْرِيطًا فيها، أو قِراضًا، فأنكر وصالَحه على مالٍ؛ فهو (٣) جائزٌ، ذَكَرَه في «الشَّرح» وغيره.

(وَيَكُونُ بَيْعًا فِي حَقِّ الْمُدَّعِي)؛ لأِنَّه يَعتقِده عِوَضًا عن حقِّه، فيَلزَمُه حُكْمُ اعْتِقادِه.

(حَتَّى إِنْ وَجَدَ بِمَا أَخَذَ (٤) عَيْبًا؛ فَلَهُ رَدُّهُ وَفَسْخُ الصُّلْحِ)؛ كما لو اشْتَرَى شَيئًا فَوَجَدَه مَعِيبًا، (وَإِنْ كَانَ شِقْصًا مَشْفُوعًا؛ ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ)؛ لأِنَّه بَيعٌ؛ لِكَونه أخَذَه عِوَضًا، كما لو اشْتَراه، فإنْ صالَحَ ببعض عَين المدَّعي فهو فيه كمُنْكِرٍ، وفيه خلافٌ.

(وَيَكُونُ إِبْرَاءً فِي حَقِّ الآْخَرِ)؛ أي: المنكِر؛ لأِنَّه دَفَع المالَ افْتِداءً ليمينه، وإزالة الضَّرر عنه، لا عِوَضًا عن حقٍّ يعتقده، (فَلَا يَرُدُّ مَا صَاَلَحَ عَنْهُ بِعَيْبٍ، وَلَا يُؤْخَذُ بِشُفْعَةٍ (٥)؛ لاِعْتِقاده أنَّه ليس بِعِوَضٍ.


(١) قوله: (ومعناه: أن يعتقد أن ما ادعاه حق، والمدعى عليه يعتقد أنه لا حق عليه) سقط من (ظ) و (ق) وهي موجودة في الممتع ٢/ ٦١٢.
(٢) في (ق): أو.
(٣) في (ح): هو.
(٤) في (ح): أخذه.
(٥) في (ظ): ولا تؤخذ به شفعة.