للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: إن زال الحَجْرُ برُشْده بلا حُكْمٍ؛ عاد بمجرَّده.

وجْهُ الأوَّلِ: أنَّ التَّبذيرَ يَختَلِف، فيحتاج إلى الاجتهاد، وإذا افتقر السَّبب إلى الاجتهاد؛ لم يَثْبُت إلاَّ بحكم الحاكم، كالحَجْر على المفلس، بخلاف الجنون، فإنَّه لا يفتقر إلى الاجتهاد بغير خلافٍ (١).

فَرْعٌ: لو فَسَقَ، ولم يُبذِّرْ؛ لم يُحْجَرْ عليه، وإن اعْتُبِر في رُشْده إصْلاحُ دِينِه؛ فوجْهانِ.

(وَلَا يَنْظُرُ فِي مَالِهِ إِلاَّ الْحَاكِمُ)؛ لأِنَّ الحَجْرَ عليه يَفْتَقِر إلى الحاكم، فكذا النَّظر في ماله، (وَلَا يَنْفَكُّ عَنْهُ)؛ أيْ: عن السَّفيه (إِلاَّ بِحُكْمِهِ) على الصَّحيح؛ لأِنَّه حَجْرٌ ثبت بحكمه، فلم يَزُلْ إلاَّ به كالمفلِس.

(وَقِيلَ: يَنْفَكُّ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ رُشْدِهِ)، قاله أبو الخَطَّاب؛ لأِنَّ سببَ الحَجْر زال؛ فيزول بزواله، كما في حقِّ الصَّبِيِّ والمجنون.

وجوابُه: بأنَّ الرُّشد يَفْتَقِر إلى اجْتهادٍ في معرفته وزوال تبذيره، فكان كابتداء الحَجْر عليه، وفارق الصَّبيَّ والمجنون، فإنَّ الحَجْر عليهما بغَير حُكْمِ حاكِمٍ، فيزول بغَير حُكمِه.

فَرْعٌ: الشَّيخُ الكبيرُ يُنكَر عَقْلُه؛ يُحْجَر عليه، قاله أحمدُ (٢)؛ يعني (٣): إذا كَبِر، واخْتَلَّ عَقْلُه كالمجنون؛ لِعَجْزه عن التَّصرُّف في ماله.

ونقل المرُّوذِيُّ: أرى أن يَحْجُر الاِبْنُ على الأب إذا أسْرَف، يَضَعُه في الفساد وشراء المغنِّيات ونحوه (٤).

(وَيُسْتَحَبُّ إِظْهَارُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ)؛ لِيَظْهَر أمْرُه، (وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهِ)، وقد صرَّح


(١) ينظر: المغني ٣/ ٣٥٢.
(٢) ينظر: المغني ٣/ ٣٥٢.
(٣) في (ح): بمعنى.
(٤) ينظر: الورع ص ٥٦.