للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معناه مرفوعًا من حديث أبي هريرة، ولم يذكر فيه: «وهو في الصَّلاة» (١)، ولأنَّه إذا شكَّ تعارَض عنده الأمران، فيَجِب سُقوطهما؛ كالبيِّنتَين إذا تعارضا (٢)، ويَرجع إلى اليقين.

وسواءٌ كان في الصَّلاة أو خارجَها، تساوَى عنده الأمرانِ أو غلب على ظَنِّه أحدُهما؛ لأنَّ غلبةَ الظَّنِّ إذا لم يكن لها ضابط في الشَّرع؛ لم يُلتَفَتْ إليها؛ كظنِّ صدق أحد المتداعيين، بخلاف القِبلة والوقت، هذا اصطلاح الفقهاء.

وعند الأصوليِّين: إن تساوى الاحتمالان فهو شَكٌّ، والرَّاجِح ظنٌّ، والمرجوح وهَم.

(فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا)؛ أي: تيقن الطَّهارةَ والحَدثَ في وقتِ الظُّهْر مثلًا، (وَشَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا)؛ أي: لم يعلم الآخِر منهما؛ (نَظَرَ فِي حَالِهِ قَبْلَهُمَا)؛ أي: قبل الطَّهارة والحدث، وهو ما قبل الزَّوال، (فَإِنْ كِانَ مُحْدِثًا فَهُوَ) الآنَ (مُتَطَهِّرٌ)؛ لأنَّه تيقَّن زوال ذلك الحدث بطهارة، ولم يتيقَّن زوال تلك الطَّهارة بحدثٍ آخَرَ؛ لاحتمال أن يكون الحدث الذي تيقَّنه بعد الزَّوال هو الذي كان قبله، فلم يزل يقينُ الطَّهارة بالشك، (وَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ مُحْدِثٌ)؛ لما ذكرنا.

هذا في تيقُّن الحالين، وأمَّا تيقُّن الفعلين؛ فإذا تيقَّن أنَّه في وقت الظهر - مثلًا - تطهَّر عن حدث، وأحدث عن طهر، ولا يعلم أسبقهما؛ فإنَّه يكون على مثل حاله قبلهما جزمًا، فإن كان متطهِّرًا فهو الآن متطهِّرٌ؛ لأنَّ الطَّهارةَ التي قبل الزوال قد تيقَّن زوالها بالحدث، وتيقَّن زوال الحدث بالطَّهارة التي


(١) أخرجه مسلم (٣٦٢).
(٢) في (أ): تعارضتا.