للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(أَحَدُهَا: شَرِكَةُ الْعِنَانِ)، سُمِّيَتْ بذلِكَ؛ لأِنَّ الشَّرِيكَينِ فيها يَتَساوَيانِ (١) في المال والتَّصرُّف، كالفارِسَينِ إذا سَوَّيَا بَينَ فَرَسَيْهِما وتَساوَيَا في السير (٢).

وقال الفَرَّاءُ (٣): هي مُشْتَقَّةٌ مِنْ عَنَّ الشَّيءُ إذا عَرَضَ، يُقال: عَنَّتْ لي (٤) حاجةٌ، إذا عَرَضَتْ؛ لأِنَّ كُلًّا مِنْهُما قد عنَّ له (٥)؛ أيْ عَرَضَ له مُشارَكةُ صاحبِه.

وقيل: هي مأخوذةٌ مِنْ عانَّه، إذا عارَضَه، فكلٌّ منهما عارَضَ صاحِبَه بِمِثْل ماله وعَمَلِه.

وقَولُه في «الشَّرح»: إنَّه راجِعٌ إلى قَول الفَرَّاء؛ لَيسَ بِظاهِرٍ.

(وَهِيَ) جائِزةٌ إجْماعًا، ذَكَرَه ابْنُ المنذِر (٦)، وإنِ اخْتُلِف في بَعْض شُروطها، (أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ) فما فَوقَهما، سَواءٌ كانا مُسلِمَينِ أو أحدُهما، ولا يُكرَه مُشارَكةُ كِتابِيٍّ إن وَلِيَ المسلِمُ التَّصرُّفَ، نَصَّ عليه (٧)؛ «لِنَهْيِه عن مُشارَكَة اليهودِيِّ والنَّصْرانِيِّ، إلاَّ أنْ يكونَ الشِّراءُ والبَيعُ بِيَدِ المسلِمِ» رواه الخَلاَّلُ بِإسْنادِه عَنْ عَطاءٍ (٨).

وكَرِهَهُ الْأَزَجِيُّ، ورُوِيَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ (٩)، ولم يُعرَفْ له في الصَّحابة


(١) في (ق): متساويان.
(٢) في (ح): المسير.
(٣) ينظر: الزاهر للأزهري ص ١٥٦.
(٤) في (ح): له.
(٥) قوله: (له) سقطت من (ظ).
(٦) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ١٠٠.
(٧) ينظر: مسائل ابن منصور ٦/ ٢٨١٩.
(٨) لم نقف عليه، وأخرج ابنُ أبي شيبة (١٩٩٨١) عن عطاء قوله: «لا تشارك اليهودي والنّصراني، ولا يمُرُّوا عليك في صلاتك، فإنْ فعَلوا فهُم مثلُ الكَلْب»، وفيه ليث بن أبي سُليم، وهو ضعيف؛ لسوء حفظه واختلاطه.
(٩) أخرجه ابن أبي شيبة (١٩٩٨٠)، والبيهقي في الكبرى (١٠٨٢٢)، عن أبي حمزة، قال: قلت لابن عباس: إن رجلاً جلاَّبًا يجلب الغنم، وإنه ليشارك اليهودي والنصراني، قال: «لا يشارك يهوديًّا ولا نصرانيًّا ولا مجوسيًّا» قال: قلت: لم؟ قال: «لأنهم يُرْبون، والربا لا يحل»، إسناده صحيح ورجاله رجال مسلم.