للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والحاجَةُ داعِيةٌ إلَيْهَا؛ إذْ كُلُّ أحدٍ لا يَقْدِرُ على عَقَارٍ يَسْكُنُه، ولا على حَيَوانٍ يَرْكَبُه، ولا على صَنْعَةٍ يَعْمَلُها، وهم لا يَبْذُلونَ ذلك مَجَّانًا، فَجُوِّزَتْ؛ طَلَبًا لتحصيل (١) الرِّزْق.

وحَدَّها في «الوجيز»: بِأنَّها عِوَضٌ مَعْلُومٌ، في مَنْفَعةٍ مَعْلُومةٍ، مِنْ عَينٍ مُعَيَّنةٍ، أوْ مَوصُوفةٍ في الذِّمَّةِ، أو في عَمَلٍ مَعْلُومٍ.

ويَرِدُ عليه: دُخولُ الممَرِّ، وعُلْوِ بَيْتٍ ونحوِه، والمنافِعِ المحرَّمةِ، وما فُتِحَ عَنْوةً ولم يُقْسَمْ، فِيما فَعَلَهُ عُمَرُ (٢).

(وَهِيَ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ) في قَول أكْثَرِ العُلَماء.

وذَكَرَ بعْضٌ: أنَّ المعْقودَ عليه العَيْنُ؛ لأِنَّها الموجودةُ، والعَقْدُ يُضافُ إليها، فيَقولُ: أجَرْتُكَ دارِي.

ورُدَّ: بأنَّ المعْقُودَ عَلَيهِ هو المسْتَوْفَى بالعَقْدِ، وذلك هو المنافِعُ دونَ الأعْيانِ؛ إذِ الأجر (٣) في مقابَلة المنفَعةِ، بدَليلِ: أنَّه يُضْمَنُ دُونَ العَينِ، وإضافةُ العَقْد إلى العَينِ؛ لأِنَّها مَحلُّ المنْفَعَةِ، كما يُضافُ (٤) عَقْدُ المساقاةِ إلى البُسْتان، والمعْقودُ عليه الثَّمَرةُ، فتُؤْخَذُ المنافِعُ شَيئًا فشَيئًا، وانْتِفاعُه تابِعٌ له.

وقد قِيلَ: هي خِلافُ القِياسِ، والأصحُّ: لا؛ لأِنَّ مَنْ لا يُخَصِّصُ العِلَّةَ؛ لا يُتَصَوَّرُ عِنْدَه مُخالَفةُ قِياسٍ صَحِيحٍ، ومَنْ خصَّصها؛ فإنَّما يكونُ الشَّيءُ خِلافَ القِياسِ إذا كانَ المعْنَى المقْتَضِي للحُكْمِ مَوْجُودًا فِيهِ وتَخَلَّفَ الحُكْمُ عَنْهُ.


(١) في (ح): طلب التحصيل.
(٢) تقدم تخريجه ٤/ ٥٤٥ حاشية (٨).
(٣) في (ح): لأجر.
(٤) في (ق): تضاف.