للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بَيعُه؛ إجْلالاً لِكتابِ الله تعالَى وكلامِه عن المعاوَضَة به، فلم تَجُزْ (١) إجارتُه.

والثَّانِي: بَلَى؛ لأِنَّه انْتِفاعٌ مُباحٌ؛ كالإعارة وسائر الكُتُبِ، ولا يَلزَمُ مِنْ عَدَمِ البيع؛ عَدَمُ جَوازِ الإجارة؛ كالحُرِّ، والوقف، وأمِّ الوَلَد.

فَرْعٌ: يَصِحُّ نَسخُ المصحَف بأُجْرةٍ، نَصَّ عليه (٢)، فإنْ نَسَخَهُ ذِمِّيٌّ ولم يَحْمِلْه؛ فوجْهانِ.

(وَاسْتِئْجَارُ النَّقْدِ لِلتَّحَلِّي)؛ أيْ: لِتَحْلية امرأةٍ، (وَالْوَزْنِ)؛ لأِنَّه أمْكَنَ الاِنْتِفاعُ بها مع بَقاءِ عَينِها، وذَكَر جماعةٌ فيه: بأُجرةٍ من جِنْسه، (لَا غَيْرُ) من الإنفاق (٣) ونحوِه؛ لِمَا فيه من إذْهاب عَينِها، وبقاؤها شَرْطٌ.

(فَإِنْ أَطْلَقَ الْإِجَارَةَ؛ لَمْ يَصِحَّ (٤) فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ)، قالَهُ القاضِي، وجَزَمَ به في «الوجيز»، وقدَّمه في «الرِّعاية الكبرى»؛ لأِنَّ الإجارةَ تَقْتَضِي الاِنْتِفاعَ، وهو في النَّقْدَينِ إنَّما هُوَ بأعْيانِهما، وحِينَئِذٍ يَصيرُ قَرْضًا (٥)؛ لأِنَّه إذا أُطْلِق الاِنْتِفاعُ؛ حُمِل على المعْتاد.

(وَيَصِحُّ فِي الآْخَرِ)، قالَهُ أبو الخَطَّاب، وصحَّحه في «المغْنِي»؛ لأِنَّ العَقْدَ متى أمْكَنَ حَمْلُه على الصِّحَّة؛ كان أَوْلَى من إفْساده، (وَيُنْتَفَعُ بِهَا فِي ذَلِكَ)؛ أيْ: في الوَزْن والتَّحَلِّي؛ لأِنَّهُما هما اللذان حُمِلَ العَقْدُ عَلَيهِما، أشْبَهَ اسْتِئْجارَ الدَّارِ مُطْلَقًا، فإنَّه يَصِحُّ، ويُحْمَلُ على السُّكْنَى، وَوَضْعِ المتاع فيها.

(وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ وَلَدِهِ لِخِدْمَتِهِ)؛ كالْأَجْنَبِيِّ، وسائِرِ الأَقارِبِ غَيرِ الأبِ.

وله (٦) اسْتِئْجارُ مُسْلِمٍ لِعَمَلٍ مُباحٍ.


(١) في (ظ): فلم يجز.
(٢) ينظر: الفروع ٦/ ١٣٩.
(٣) في (ظ): الاتفاق.
(٤) في (ظ): لم تصح.
(٥) في (ق): فرضًا.
(٦) أي: وللذمي. ينظر: المغني ٥/ ٤١٠، الشرح الكبير ١٤/ ٣٣٦.