للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أوْ لِغَيرِه؛ لأِنَّها عَقْدٌ على المنافِعِ، فلم يَمنَع (١) الصِّحَّةَ؛ كبَيعِ الأَمَةِ المزَوَّجَة، ولأِنَّ يَدَ المسْتَأْجِرِ على المنافِعِ، والبَيع على الرَّقَبة، فلا يَمْنَعُ ثُبوتُ اليَدِ على أحَدِهما تَسْلِيمَ الآخَرِ، وإنْ مَنَعَت التَّسليمَ في الحال فلا تَمْنَعُه (٢) في الوقْت الذي يَجِبُ فيه التَّسليمُ، وهو عِنْدَ انْقِضاء الإجارةِ، وتَكْفِي القُدْرةُ على التَّسْليم حِينَئِذٍ؛ كالمسْلَمِ فيه.

ولِمُشْتَرٍ الفَسْخُ أو الْإِمْضاءُ إنْ لم يَعْلَمْ، ذَكَرَهُ في «المغني» و «الشرح»؛ لأِنَّ ذلك عَيْبٌ، قالَهُ أحْمَدُ (٣)، وفي «الرعاية»: له الأَرْشُ مع الإمساك، وإِنْ عَلِمَ ورَضِيَ؛ لم يَتصرَّفْ في العَين حتَّى تَفرُغَ المدَّة.

(وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ)؛ لأِنَّها سابِقَةٌ على عَقْدِ البَيع، واللاَّحِقُ لا يُوجِبُ فسخ (٤) السَّابِقِ، كما لو زوَّجَ أَمَتَه ثُمَّ باعَها.

(إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِيَهَا الْمُسْتَأْجِرُ، فَتَنْفَسِخُ (٥) فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ)، كذا أطْلَقَهُما في «الفروع»، وحكاهما في «المغْنِي» و «الشَّرح» وجْهَينِ:

أحدُهما: تَنْفَسِخُ (٦) فِيمَا بَقِيَ من المدَّة؛ لأِنَّ ملْكَ الرَّقَبة لَمَّا مَنَعَ ابْتِداءَ الإجارة؛ مَنَعَ اسْتِدامَتَها؛ كالنِّكاح لَمَّا مَنَعَ ملْكَ اليمين؛ مَنَعَ اسْتِدامَتَه، فعلى هذا: يَسْقُطُ عن المشْتَرِي الأجْرُ فِيمَا بَقِيَ؛ كما لو تَلِفَتِ العَينُ، وإن كان المؤْجِرُ قَبَضَ الأَجْرَ كلَّه؛ حُسِبَ عليه من الثَّمَن إنْ كان مِنْ جِنْسِه.

والثَّانيةُ، وهي الأصح: لا تَنْفَسِخُ؛ لأِنَّه مَلَكَ المنفعةَ بعَقْدٍ، ثُمَّ مَلَكَ الرَّقَبةَ بآخَرَ، فلم يَتَنَافَيَا؛ كمِلْك الثَّمَرة ثُمَّ الأصل، فيَجْتَمِع على المشْتَرِي


(١) في (ق): فلم تمنع.
(٢) في (ح) و (ظ): فلا يمنعه.
(٣) ينظر: الفروع ٧/ ١٦٤.
(٤) في (ح): عقد.
(٥) في (ظ): فينفسخ.
(٦) في (ظ): ينفسخ.