(وَإِنْ سَبَقَ الآْخَرُ؛ أَحْرَزَ سَبَقَ صَاحِبِهِ)؛ أيْ: سَبَقَ المخرِج؛ لأِنَّه سَبَقَه، فمَلَكَ المالَ الذي جَعَلَه عِوَضًا في الجعالة، كالعِوَضِ المجْعُول في ردِّ الضَّالَّة، فإنْ كان العِوَضُ في الذِّمَّة؛ فَهُوَ دَينٌ يُقْضَى به عليه، ويُجْبَرُ على تسليمِه إنْ كان مُوسِرًا، وإنْ أفْلَسَ؛ ضَرَبَ به مع الغُرَماء.
تنبيهٌ: السَّبَقُ بفَتْحِ الباء: الجُعْلُ الذي يُسابَقُ عليه، يُقالُ: سَبَقَ، إذا أخَذَ وأعْطَى، فهُوَ من الأضْدادِ.
(فَإِنْ أَخْرَجَا مَعًا)؛ أي: العِوَضَ (لَمْ يَجُزْ)، وكان قِمارًا، (إِلاَّ أَنْ يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا مُحَلِّلاً)؛ فإنَّه يجوز أنْ يُخْرِجا، سواءٌ أخْرَجاهُ متساويًا أوْ مُتَفاضِلاً، ولم يَجُزْ أنْ يُخرِجَ المحلِّلُ شَيئًا، وهو قَولُ سعيدِ بنِ المسيِّبِ، والزُّهْرِيِّ، والأَوْزاعِيِّ؛ لِمَا رَوَى أبو هُرَيرةَ: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَينَ فَرَسَينِ، وهو لا يَأْمَنُ أنْ يُسْبَقَ؛ فَلَيسَ قِمارًا، ومَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَينَ فَرَسَينِ، وقد أَمِنَ أنْ يُسْبَقَ؛ فهو قِمارٌ» رواه أبو داودَ (١)، فَجَعَلَه قِمارًا إذا أَمِنَ السَّبْقَ؛
(١) أخرجه أحمد (١٠٥٥٧)، وأبو داود (٢٥٧٩)، وابن ماجه (٢٨٧٦)، والبزار (٧٧٩٤)، والطحاوي في شرح المشكل (١٨٩٧)، والحاكم (٢٥٣٦)، من طرق عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة ﵁ مرفوعًا. وسفيان بن حسين الواسطي، ثقة في غير الزهري باتفاقهم، فإنه يضطرب فيه، ويأتي بما ينكر عليه. قال البزار: (لا نعلم رواه عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة إلا سفيان بن حسين). وقد تابعه الوليد بن مسلم، فرواه عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، به نحوه. وأخرجه الطبراني في الصغير (٤٧٠)، وأبو نعيم في الحلية (٦/ ١٢٧)، وقال: (غريب من حديث سعيد، تفرّد به الوليد)، وقال الطبراني: (لم يروه عن قتادة إلا سعيد، ولا عنه إلا الوليد، تفرد به هشام بن أبي خالد)، وخالفهما معمر وشعيب وعقيل، فرووه عن الزهري، عن رجال من أهل العلم مرسلاً، ورجح إرساله أبو داود وأبو حاتم وابن عبد البر وابن القطان وغيرهم، قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: (رفع هذا الحديث إلى النبي ﷺ خطأ، وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب)، وصححه موصولاً الحاكم والذهبي. ينظر: علل ابن أبي حاتم ٥/ ٦٧٥، و ٦/ ٢٢٦، علل الدارقطني ٩/ ١٦١، بيان الوهم ٣/ ٤٧٩، الفروسية (ص ٢٣٢)، البدر المنير ٩/ ٤٢٩، الإرواء ٥/ ٣٤٠.