للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذَكَرَ الثَّعالِبِيُّ في «فِقْه اللُّغةِ»: أنَّ المجَلِّيَ هو الثَّانِي، والمصَلِّيَ هو الثَّالِثُ (١).

فلو جَعَلَ للمُصَلِّي أكْثَرَ من المجَلِّي، أوْ جَعَلَ لِمَا بَعْدَه أكْثَرَ منه، أوْ لم يَجْعَلْ لِلْمُصَلِّي شَيئًا؛ لم يَصِحَّ (٢)؛ لأِنَّه يُفْضِي إلى أنْ لا يَقْصِدَ السَّبْقَ، بل يَقْصِدَ التَّأخُّرَ، فَيَفُوتُ المقْصُودُ (٣).

تَكْمِلةٌ: إذا قال لِعَشَرةٍ: مَنْ سَبَقَ مِنكُمْ فله عَشَرَةٌ، فَسَبَقَ اثْنانِ؛ فَهِيَ بَينَهُما.

وإنْ سَبَقَ تِسْعَةٌ وتأخَّرَ واحِدٌ؛ فالعَشَرَةُ للتِّسْعة، وقِيلَ: لِكُلٍّ من السَّابِقِينَ عَشَرةٌ، كما لو قال: مَنْ ردَّ عَبْدِي فله عَشَرَةٌ، فَرَدَّ كلُّ واحِدٍ عَبْدًا.

وفارَقَ ما لَوْ قَالَ: مَنْ ردَّ عَبْدِي، فَرَدَّهُ تِسْعَةٌ؛ لأِنَّ كُلَّ واحِدٍ منهم لم يَرُدُّهُ، وإنَّما رَدُّهُ حَصَلَ من الكُلِّ.

(وَإِنْ شَرَطَا أَنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبَقَ أَصْحَابَهُ)، أوْ بَعْضَهم، (أَوْ غَيْرَهُمْ)، أوْ: إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ كذا ولا أَرْمِي أبدًا أوْ أَشْهُرًا؛ (لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ)؛ لأِنَّه عِوَضٌ على عَمَلٍ، فلا يَسْتَحِقُّه غَيرُ العامِلِ؛ كالعِوَضِ في ردِّ الآبِقِ.

واخْتارَ الشَّيخُ تقِيُّ الدِّينِ صِحَّةَ شَرْطِهِ لِأُسْتاذِه، وشِراءِ قَوسٍ، وكِراءِ حانُوتٍ، وإطْعامِ الجماعةِ؛ لأِنَّه مِمَّا يُعِينُ على الرمي (٤).

(وَفِي صِحَّةِ الْمُسَابَقَةِ وَجْهَانِ):

أشْهَرُهُما: أنَّه لا يَفْسُدُ، ونَصَرَه في «الشَّرح»؛ لأِنَّها عَقْدٌ لا يَتَوقَّفُ


(١) ينظر: فقه اللغة ١/ ١٣٨، لكن فيه عن الجاحظ: (ثُمَّ المُصَلِّي. ثُمَّ المُقَفِّي، وعن الفراء: ثُمَّ المُصَلِّي. ثُمَّ المُسَلِّي)، ولم نجد فيه ما ذكره المصنف.
(٢) قوله: (لم يصح) سقط من (ق).
(٣) زيد في (ق): لم يصح.
(٤) قوله: (على الرمي) في (ح): المرمى. وينظر: الفروع ٧/ ١٩٠، الاختيارات ص ٢٣٣.