للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صَفْوانَ: أنَّه اسْتَعارَ منه يَومَ حُنَينٍ أدْراعًا، فقال: أغَصْبًا يا محمَّدُ؟ قال: «بَلْ عارِيةٌ مَضْمونَةٌ» رواه أحمدُ وأبو داودَ (١)، ولأنَّه أَخَذَ ملْكَ غَيرِه لِنَفْع نَفْسه، منفرِدًا بنَفْعِه من غَيرِ اسْتِحْقاقٍ ولا إذْنٍ في إتْلافٍ، فكان مضمونًا كالغَصْب، وقاسَهُ في «المغْنِي» و «الشَّرح» على المقْبوض على وَجْه السَّوم، قالَ في «الفُروع»: فدلَّ على رِوايةٍ مُخرَّجةٍ، وهو مُتَّجِهٌ.

وذَكَرَ الحارِثِيُّ: لا يَضمَنُ، وذَكَرَه الشَّيخ تقيُّ الدِّين عن بعض أصحابنا، واختاره صاحبُ «الهَدْي» فيه (٢)؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بنُ شُعَيبٍ عن أبيه، عن جدِّه مرفوعًا قال: «لَيسَ على المسْتَعِيرِ ضَمانٌ» (٣)، ولأِنَّه قَبَضَها بإِذْنِ مالِكِها؛ فكانَتْ أمانَةً.

ورُدَّ: بأنَّه يَرْوِيهِ عمرُو بن عبد الجبَّار، عن عُبَيد (٤) بن حسَّان، وهما ضعيفانِ، قاله الدَّارَقُطْنِيُّ، مع أنَّه يَحتمِل أنَّه أراد ضمانَ المنافع والأجر.

وعلى المذهب: لا فَرْقَ بَينَ أن يتعدَّى فيها أو لا، ويُستَثْنَى منه: ما إذا تَلِفَتْ في يدِ مُسْتَعِيرٍ من مُسْتأْجِرها، أو يكون المعارُ وقْفًا؛ ككتب العلم ونحوها، فلا يَضمَن فيهما إذا لم يفرِّط.

(بِقِيمَتِهَا)؛ لأِنَّها بَدَلٌ عنها في الإتْلاف، فوجب عند تَلَفِها؛ كالإتْلاف، وإذا قلنا بضَمان الأجزاء التَّالِفة بالاِنْتِفاع؛ فإنَّه يَضْمَنُها بقِيمتِها قَبلَ تَلَف


(١) سبق تخريجه ٦/ ١٤٩ حاشية (٢).
(٢) ينظر: الفروع ٧/ ٢٠٤، زاد المعاد ٣/ ٤٢٢.
(٣) أخرجه الدارقطني (٢٩٦١)، وقال: (عمرو وعبيدة ضعيفان، وإنما يُروى عن شريح القاضي غير مرفوع)، وكذا ضعفه أيضًا البيهقي وابن عبد الهادي، وقول شريح أخرجه عبد الرزاق (١٤٧٨٢)، والدارقطني (٢٩٦١). ينظر: المعرفة ٨/ ٣٠٠، تنقيح التحقيق ٤/ ١٥٩.
(٤) هكذا في النسخ الخطية، وصوابه: (عبيدة) كما في المصادر.