للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَقَصَرَهُ، أَوْ غَزْلاً فَنَسَجَهُ، أَوْ فِضَّةً أَوْ حَدِيدًا فَضَرَبَهُ، أوْ خَشَبًا فَنَجَرَهُ، أَوْ شَاةً فَذَبَحَهَا وَشَوَاهَا؛ ردَّ ذَلِكَ) إلى مالِكِه في ظاهِرِ المذْهَبِ؛ لأِنَّه عَينُ ماله (١)، أشْبَهَ ما لو ذَبَحَ الشَّاةَ فَقَطْ، ولأِنَّه لو فَعَلَه بملْكه؛ لم يَزُلْ عنه، فكذا إذا فَعَلَه بملْكِ غَيرِه، (بِزِيَادَتِهِ) إنْ زاد، (وَأَرْشِ نَقْصِهِ) إن نَقَص؛ لكَونه حَصَل بفِعْله، ولا فَرْق بَينَ نقص العَينِ، أو القِيمة، أو هما، (وَلَا شَيْءَ لَهُ)؛ أيْ: للغاصِبِ بِعَملِه المؤدِّي إلى الزِّيادة؛ لأِنَّه تبرُّعٌ في ملك غَيره، فلم يستحِقَّ لذلك عِوضًا، كما لو غلى زَيتًا فزادت قيمتُه، لكِنْ إنْ أمْكَنَ الرَّدُّ إلى الحالة الأولى كحُلِيٍّ، وأوانٍ، ودراهِمَ، ونحوِها؛ فللمالك إجبارُه على الإعادة.

(وَعَنْهُ: يَكُونُ شَرِيكًا بِالزِّيَادَةِ)، ذَكَرَ في «المستوعب» و «المذهب»: أنَّها ظاهِرُ المذْهَب؛ لأِنَّ الزِّيادةَ حصلت بمنافِعِه، والمنافِعُ تَجرِي مَجرَى الأعيان، أشبَهَ ما لو غصب ثَوبًا فصَبَغَه.

وفرَّق في «المغني» و «الشرح»: بأنَّ الصِّبغ عَينُ مالٍ لا يزولُ ملك مالكه عنه بجَعْله مع ملك غيره، بخلاف ما ذكر.

(وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَمْلِكُهُ) الغاصِبُ، (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) قَبل تَغييره، هذا روايةٌ عن أحمدَ نَقَلَها عنه محمَّد بن الحَكَم (٢) فِيمَنْ جَعَلَ حَديدًا سُيوفًا: يُقوَّم فيعطيه الثَّمَنَ على القيمة، حديث النَّبيِّ في الزَّرع: «أعْطوهُ ثَمَنَ (٣) بَذْره» (٤).

ورُدَّ: بأنَّه قَولٌ قَديمٌ مَرجوعٌ عنه.


(١) في (ح): مال.
(٢) في (ح) و (ظ): عبد الحكم. ينظر: زاد المسافر ٤/ ٢٣٣، الفروع ٧/ ٢٣٥.
(٣) في (ق): لمن.
(٤) مراده والله أعلم: حديث «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له من الزرع شيء وله نفقته»، وقد تقدم تخريجه ٦/ ١٧٧ حاشية (٥).