للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكاذِب (١)، وهو المشْهورُ عن المالِكِيَّة (٢)؛ لأِنَّ السَّببَ يُحالُ عليه الحُكمُ إذا لم يُمكِنْ إحالةُ الحُكْم على المباشِرِ، كَمَنْ ألْقَى شَخْصًا في زُبْيَةِ أَسَدٍ؛ فَقَتَله الأسدُ، أو في بَحْرٍ؛ فابْتَلَعَه حُوتٌ.

(أَوْ) حَلَّ (وِكَاءَ)، بكَسْر الواو ممدودًا: ما يشدُّ (٣) به رأْس القربة، (زِقِّ مَائِعٍ، أَوْ جَامِدٍ فَأَذَابَتْهُ الشَّمْسُ، أَوْ بَقِيَ بَعْدَ حَلِّهِ قَاعِدًا فَأَلْقَتْهُ الرِّيحُ فَانْدَفَقَ؛ ضَمِنَهُ)؛ لأِنَّ فِعْلَه سَبَبُ تَلَفِه، لم يَتَخَلَّلْ بَينَهما ما يُمكِنُ إحالةُ الحُكم عَلَيهِ؛ فَلَزِمَه، كما لو جرح (٤) إنْسانًا فأفْضَى إلى تَلَفِه، بخِلافِ ما لو دَفَعَهُ إنْسانٌ بَعْدَ ذلِكَ، فإنَّه مُباشِرٌ يُمكِنُ إحالةُ الحُكْم عليه.

(وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ مَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ)، وزلزلة (٥) الأرض؛ لأِنَّ فِعْلَه غَيرُ مُلْجٍ، فلم يتعلَّق (٦) به ضَمانٌ، كما لو دَفَعَه إنسانٌ.

وفيه وَجْهٌ: لا يَضمَنُ فِيمَا أذابَتْه الشَّمسُ؛ لأِنَّ فِعْلَه غَيرُ مُلْجٍ، مع أنَّ قَولَ القاضِي مَنْقوضٌ بما إذا أذابَتْه الشَّمسُ؛ لأِنَّه لا نَقولُ فيه بعَدَم الضَّمان.

فَرْعٌ: لو حَبَسَ مالِكَ دَوابَّ، فَتَلِفَت؛ لم يَضمَن الحابِسُ. وقِيلَ: بلى، وينبغي أنْ يُفرَّقَ بَينَ الحَبْس بحقٍّ أو غَيرِه.

(وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً فِي طَرِيقٍ، فَأَتْلَفَتْ)؛ ضَمِنَ؛ لأِنَّه مُتَعَدٍّ بالرَّبْط، وظاهِرُه: لا فَرْقَ فيه (٧) بَينَ الواسِعِ وغَيرِه، لكِنْ في الواسِعِ إذا لم تَكُنْ (٨) يَدُ صاحِبِها


(١) ينظر: الفروع ٧/ ٢٥٢، الاختيارات ص ٢٤٠.
(٢) ينظر: المدونة ٣/ ٥٣٠.
(٣) في (ظ): ما يسد.
(٤) في (ح): صرح.
(٥) رسمت في (ح): وزالزلة.
(٦) رسمت في (ح): يتلق.
(٧) قوله: (فيه) سقط من (ح).
(٨) في (ق): لم يكن.