للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ حَفَرَ فِي فِنَائِهِ) - وهو ما كان خارِجَ الدَّار قَريبًا منها - (بِئْرًا لِنَفْسِهِ؛ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا)؛ لأِنَّه مُتَسَبِّبٌ إلى إتْلافِ غَيرِه، فَلَزِمَه الضَّمانُ؛ كَوَاضِعِ السِّكِّينِ، وسَواءٌ حَفَرَها بإِذْنِ الإمامِ أوْ غَيرِ إذْنِه، فيها ضَرَرٌ أوْ لَا.

وقال بعضُ أصحابنا: له حَفْرُها لنفسه بإذْنِ الإمام، ذَكَرَه القاضِي، فَعَلَيهِ: لا ضَمانَ؛ لأِنَّ للإمام أنْ يَأْذَنَ في الانتفاع (١) بما لا ضَرَرَ فِيهِ.

وجَوابُه: بأنَّه حَفَرَ في مَكانٍ مُشْتَرَكٍ بغَيرِ إذْنِ أهله لغَيرِ مصلحَتِهم؛ فَضَمِنَ؛ كما لو لم يَأْذَنِ الإمامُ فيه، ولا نُسلِّم أنَّ للإمام الإذْنَ فيه.

فدلَّ أنَّه لا يَجوز لوكيلِ بَيتِ المال وغَيرِه بَيعُ شَيءٍ مِنْ طريق المسلمين النَّافِذِ، وأنَّه لَيسَ لحاكِمٍ الحُكْمُ بصحَّته، وقاله الشَّيخُ تقيُّ الدِّين (٢).

وفي «الفروع»: يتوجَّهُ جَوازُه للمصلحة.

(وَإِنْ حَفَرَهَا فِي سَابِلَةٍ) - السَّبيلُ: الطَّريقُ، يُذَكَّرُ ويؤنَّث، والجَمعُ: السَّوابِلُ - (لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ)؛ لِيَنزِل فيها ماءُ المطر، أو لِيَشرَب منها المارَّةُ؛ (لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهَا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ)؛ لأِنَّه مُحْسِنٌ بفِعْله غَيرُ مُتَعَدٍّ، أشْبَهَ باسِطَ الحَصير في المسجد، وعَلَّله أحمدُ: بأنَّه نَفْعٌ للمسلمين (٣)، ومَحَلُّه: ما لم يَكُنْ فيه ضَرَرٌ، ومَعْناهُ في «الوجيز»: بأنْ حَفَرَها في سابِلةٍ واسعةٍ لمصلحةٍ عامَّةٍ.

والثَّانِيةُ: يَضمَنُ، واقْتَصَر القاضِي على حكايتها؛ لأِنَّه مأْذونٌ له في ذلك بشرطِ سلامةِ العاقبة، ولم تُوجَدْ.

وعنه: يَضمَن، إلاَّ أن (٤) تكون (٥) بإذْنِ حاكِمٍ.


(١) في (ح): انتفاع.
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى ٣٠/ ٦، الاختيارات ص ٢٤٠.
(٣) ينظر: الروايتين والوجهين ٢/ ٢٨٩، الفروع ٧/ ٢٥٧.
(٤) قوله: (أن) سقط من (ح).
(٥) في (ق): يكون.