للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والماء منها؛ فهو كتَنْقِيَتها (١)، وحَفْرِ هَدَفَةٍ (٢) فيها، وقَلْعِ حَجَرٍ يَضُرُّ بالمارَّة، وَوَضْعِ الحصى في حُفْرةٍ فيها لِيَمْلَأها، وتَسْقِيفِ ساقِيَةٍ فيها، وَوَضْعِ حَجَرٍ في طِينٍ؛ ليطأ النَّاسُ عَلَيهِ، فهذا كلُّه مُباحٌ، لا يُضمَنُ ما تَلِفَ به، لا نَعلَمُ فيه خلافًا (٣).

وكذا بِناءُ القناطر، ويَحتَمِل أنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا إذْنُ الإمام؛ لأِنَّ مصلحتَه لا تَعُمُّ.

قال بعضُ أصحابنا في حَفْرِ البِئْر: يَنبَغِي أنْ يَتَقيَّدَ سُقوطُ الضَّمان إذا حَفَرَها في مَكانٍ مائِلٍ عن القارعة، وجَعَلَ عَلَيهِ حاجِزًا يُعلَمُ به لِيُتَوَقَّى.

(وَإِنْ بَسَطَ فِي مَسْجِدٍ حَصِيرًا، أَوْ عَلَّقَ فِيهِ قِنْدِيلاً)، أوْ فَعَلَ فِيهِ شَيئًا يَنْفَعُ النَّاسَ؛ (لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ)؛ لأِنَّه مَأْذُونٌ في ذلك شَرْعًا، فلم يَضْمَنْ ما تَوَلَّدَ منه؛ كسِرايَةِ القَوَدِ.

وقِيلَ: بل يَضْمَنُ المالَ، وعاقِلَتُه الدِّيةَ.

وقال ابنُ حَمْدانَ: إنْ فَعَلَه بإذْن الإمام، أو حاجةٍ؛ فَهَدَرٌ.

والأوَّلُ أَوْلَى، وقالَهُ الأكْثَرُ؛ كَوَضْعِ حَصًى فِيهِ؛ ولأِنَّه أحْسَنَ بفِعْله من غَيرِ تَعَدٍّ منه، فلم يَضْمَنْ ما تَلِفَ، كما لو أَذِنَ الإمامُ والجِيرانُ.

(وَإِنْ جَلَسَ فِي مَسْجِدٍ (٤) أَوْ طَرِيقٍ وَاسِعٍ، فَعَثَرَ بِهِ حَيَوَانٌ، فَتَلِفَ (٥)؛ لَمْ يَضْمَنْ فِي أَحَدِ (٦) الْوَجْهَيْنِ)، وهو الأصحُّ؛ لأِنَّه جَلَسَ في مَكانٍ له الجُلوسُ


(١) في (ق): كتبقيتها. والمثبت موافق لكتب الأصحاب.
(٢) الهدف: كل شيء مرتفع، من بناء أو كثيب رمل أو جبل. ينظر: الصحاح ٤/ ١٤٤٢، كشاف القناع ٩/ ٣١٥.
(٣) ينظر: المغني ٨/ ٤٢٥.
(٤) في (ح): مجلس.
(٥) قوله: (فتلف) سقط من (ح).
(٦) في (ح): إحدى.