للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإنْ كان أحدُهما غائِبًا؛ فليس للحاضِرِ أنْ يَأخُذَ إلاَّ الكلَّ، أوْ يَتْركَ كالعَفْوِ، نَصَّ عليه (١).

لكِنْ إنْ تَرَكَ الطَّلَبَ مُنتَظِرًا لشريكه؛ فَوَجْهانِ:

أحدهما: تَسقُطُ (٢)؛ لِتَرْكه طَلَبَها مع إمْكانِه.

والثَّانِي: لا؛ لأِنَّ له عُذْرًا، وهو الضَّرَرُ الَّذي يَلزَمُه بأخْذِ شَرِيكِه منه.

فإنْ أَخَذَ الجميعَ، ثُمَّ حَضَرَ الثَّاني؛ قاسَمَه، فإذا حَضَرَ ثالِثٌ؛ قاسَمَهُما، وما حَدَثَ مِنْ نَماءٍ مُنفَصِلٍ في يَدِ الأوَّلِ؛ فهو له؛ لأِنَّه حَدَثَ في ملْكِه.

(فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا؛ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الآْخَرِ)؛ لِكلِّ واحِدٍ قَدْرُ نَصِيبِه؛ لأِنَّهما تَساوَيَا في الشَّرِكة؛ فَوَجَبَ تساوِيهما في الشُّفْعة، كما لو كان المشْتَرِي أجْنَبِيًّا.

(فَإِنْ تَرَكَ) المشْتَرِي (شُفْعَتَهُ لِيُوجِبَ الْكُلَّ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ)؛ أيْ: لم يَلزَمْه ذلك، ولم يَصِحَّ الإسْقاطُ؛ لأِنَّ ملْكَه قد اسْتَقَرَّ على قَدْرِ حَقِّه، وجَرَى مَجْرَى الشَّفِيعَينِ إذا حَضَرَ أحدُهما فأخَذَ الجميعَ، ثُمَّ حَضَرَ الآخَرُ وطَلَبَ حقَّه منها (٣)، فقال الآخَرُ: خُذِ الْكُلَّ أوْ دَعْهُ.

(وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ صَفْقَتَيْنِ)؛ بِأنْ باعَهُ رُبُعًا منها بكذا، ثُمَّ باعه الرُّبُعَ الآخَرَ، فقد تَعَدَّد العَقْدُ، (ثُمَّ عَلِمَ شَرِيكُهُ؛ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعَتَيْنِ (٤)؛ لأِنَّه شَفِيعٌ فِيهِما، (وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَحَدِهِمَا)؛ لأِنَّ كلَّ واحِدٍ مِنْهما عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ بنَفْسه، وهو يَسْتَحِقُّهما، فإذا أسْقَط البَعضَ؛ كان له ذلك، كما لو أسْقَط حقَّه من الكلِّ.


(١) ينظر: الفروع ٧/ ٢٩٣.
(٢) في (ظ): يسقط.
(٣) في (ح): منهما.
(٤) في (ق): بالبيعين.