للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد يُفرَّق بَينَهما: مِنْ حَيثُ إنَّ ربَّ الأرض يأْخُذه من الموقوف عَلَيهِ، ولا يَفسَخ عَقْدَ الوقْفِ، فيَصيرُ بمنزلة بيع (١) الوقْف بشَرطِه، فيَشْتَري بثَمَنه ما يَقومُ مقامَه، وهُنا يُؤخَذ من المشْتَرِي الَّذي وَجَبَتْ له الشُّفْعةُ، فيُفْسَخ عَقْدُ الوَقْف، ويُؤخَذُ حالَ كَونِه ملْكًا له أوْ وَقْفًا، فصار كأنَّه لم يُوجَدْ، ويَكونُ الثَّمَنُ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيهِ الشُّفْعةُ.

وعُلِمَ منه: أنَّه إذا تصرَّف المشْتَرِي بَعْدَ الطَّلَب؛ أنَّه لا يَصِحُّ؛ لأِنَّه يَمْلِكُه بمُطالَبَتِه، وقيل: وقَبْضِه.

(وَإِنْ بَاعَ) المشْتَرِي؛ (فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ (٢) شَاءَ)؛ لأِنَّ سَبَبَ الشُّفْعة الشِّراءُ، وقد وُجِدَ من كلِّ واحِدٍ منهما، ولأنَّه (٣) شفيعٌ في العَقْدَينِ.

واقْتَضَى ذلك: صحَّةَ تصرُّف المشْتَرِي؛ لأِنَّه ملْكُه، وصحَّ قَبْضُه، وإنْ كان الشَّفيعُ له أنْ يَتَمَلَّكه لا يَمْنَعُ مِنْ تصرُّفه، كما لو كان أحدُ العِوَضَينِ في المبِيع مَعِيبًا، فإنَّه لا يَمنَع التَّصرُّفَ في الآخَر، وكالاِبْنِ يَتَصرَّف في العَين الموْهوبة له، وإنْ جازَ لأِبيهِ الرُّجوعُ فيها.

(فَإِنْ أَخَذَ بِالأْوَّلِ؛ رَجَعَ الثَّانِي عَلَى الأْوَّلِ)؛ لأِنَّه لَمْ يَسْلَمْ له العِوَضُ، فإنْ لم يَعلَم حتَّى تبايع (٤) ثلاثةٌ أو أكثر (٥)؛ فله أنْ يأخُذَ بالأوَّل، ويَنفَسِخ العَقْدانِ الآخَرانِ، وله أنْ يأْخُذَ بالثَّانِي، ويَنفَسِخُ الثَّالِثُ، وله أنْ يأْخُذَ بالثَّالِث، ولا يَنفَسِخُ شَيءٌ (٦) من العُقود.

وجَعَلَ ابنُ أبي موسى هذا الحكمَ: إذا لم يكن الشِّقْصُ في يَدِ واحِدٍ منهم


(١) في (ظ): منع.
(٢) في (ق): البيعين.
(٣) في (ح): لأنه.
(٤) في (ح): تباع.
(٥) في (ح): وأكثر.
(٦) في (ح) و (ظ): بشيء.