للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحدُهما: لا شُفْعةَ، نَصَرَه الشَّريف في «مسائله»، ولا نَصَّ فيها للإمام أحمدَ؛ لأِنَّ الشُّفْعةَ فرعُ البيع، فإذا لم يَثْبُت الأصلُ لم يَثْبُتْ فَرْعُه.

والثَّاني، وهو المذهب: أنَّها تَجِبُ؛ لأِنَّ البائعَ أقرَّ بِحَقَّينِ؛ حقٍّ للشَّفِيعٍ وحقٍّ للمُشْتَرِي، فإذا سَقَط حقُّه بإنكاره؛ ثَبَتَ حقُّ الآخَرِ، كما لو أقرَّ بدارٍ لرجُلَينِ، فأنْكَرَ أحدُهما.

فعَلَيهِ: يَقبِضُ الشَّفيعُ من البائع، ويُسلِّمُ إليه الثَّمَنَ، ويَكونُ دَرَكُ الشَّفِيعِ على البائع، ولَيسَ له ولا للشَّفِيعِ مُحاكَمَةُ المشْتَرِي.

فإنْ كان البائعُ مقرًا بقَبْضِ الثَّمَن من المشْتَرِي؛ بقِيَ الثَّمَنُ الذي على الشَّفِيع لا يَدَّعِيهِ أحدٌ؛ لأِنَّ البائعَ يَقُولُ: هو للمُشْتَرِي، والمشْتَرِي يقولُ: لا أسْتَحِقُّه؛ فالأوْجُهُ الثَّلاثةُ (١).

(وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ)، العُهْدةُ في الأصل: كِتابُ الشِّراء، والمرادُ هنا: أنَّ الشِّقْصَ إذا ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا أوْ مَعِيبًا؛ فإنَّ الشَّفِيعَ يَرجِعُ على المشْتَرِي بالثَّمَنِ أو بأرْشِ العَيبِ؛ لأنَّ الشَّفِيعَ مَلَكه مِنْ جِهَتِه، فرجَع عليه؛ لكونه بائعَه، ثُمَّ يَرجِع المشْتَرِي على البائع؛ لِما ذَكرنا، ويُستَثنى منه المسألةُ السَّابِقةُ، فإنَّ عُهْدةَ الشَّفِيعِ على البائع؛ لحصول الملْك له مِنْ جِهَتِه.

(فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ؛ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ)، قاله القاضِي، وقدَّمه في «الفروع»؛ لأِنَّ القَبْضَ واجِبٌ؛ لِيَحْصُلَ حقُّ المشْتَرِي في تَسْلِيمه، ومِنْ شأْنِ الحاكِمِ أنْ يُجْبِرَ الممتنع (٢).


(١) يشير إلى الأوجه الثلاثة التي في المغني ٥/ ٢٤٠، والشرح الكبير ١٥/ ٥١١: (ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن يقال للمشتري: إما أن تقبضه، وإما أن تُبرئ منه. والثاني: يأخذه الحاكم عنده. والثالث: يبقى في ذمة الشفيع)، وتقدمت ٦/ ٢٨٥.
(٢) في (ح): المشتري.