للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينةِ وغيرِهم (١)، ورَوَى أبو عُبَيْدٍ في «الأمْوال» عن عائشةَ مَرْفوعًا: «مَنْ أحْيَا أرْضًا مَيْتَةً لَيسَتْ لأِحَدٍ؛ فهو أحقُّ بها»، قال عُرْوةُ: (قَضَى به عمرُ في خِلافَتِه)، وفي الزَّرْكَشِيِّ: (رواه البُخارِيُّ)، وهو وَهَمٌ (٢)، وعن عائِشةَ مَرْفُوعًا: «العِبادُ عِبادُ الله، والبِلادُ بِلادُ الله، فَمَنْ أحْيَا من مَوَاتِ الأرْضِ شَيئًا؛ فهُوَ له» رواه أبو داودَ الطَّيَالِسِيُّ (٣).

(وَهِيَ (٤) الْأَرْضُ الدَّاثِرَةُ)؛ أي: الدَّارِسةُ (التِي لَا يُعْلَمُ أَنَّهَا مُلِكَتْ)، هذا بيانٌ لِمَعْنَى المَواتِ شَرْعًا، وكذا إنْ مَلَكَها مَنْ لا حُرْمةَ له وبادَ؛ كحَرْبِيٍّ، وآثار الرُّوم على الأصحِّ.

وحاصِلُه: أنَّ المواتَ إذا لم يَجْرِ عَلَيهِ ملْكُ أحَدٍ، ولم يُوجَدْ فيه أثَرُ عِمارةٍ؛ فإنَّه يُمْلَكُ بالإحياء، فإنْ عُلِمَ أنَّه جَرَى عَلَيهِ مِلْكٌ بِشِراءٍ أوْ عَطِيَّةٍ؛ فلا، بِغَيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه (٥).

(فَإِنْ كَانَ فِيهَا آثَارُ الْمِلْكِ)، وبَادَ أهْلُه، (وَلَا يُعْلَمُ لَهَا مَالِكٌ؛ فَعَلىَ رِوَايَتَيْنِ)، كذا أطْلَقَهُما في «الكافي»:


(١) ينظر: التمهيد ٢٢/ ٢٨٣.
(٢) بل أخرجه البخاري (٢٣٣٥)، وأبو عبيد في الأموال (٧٠٣)، من طريق محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة مرفوعًا: «من أعمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق»، قال عروة: «قضى به عمر في خلافته»، قال في الفتح ٥/ ٢٠: (قوله: "قال عروة" هو موصول بالإسناد المذكور إلى عروة، ولكن عروة عن عمر مرسلاً؛ لأنه ولد في آخر خلافة عمر)، وعلق البخاري قول عمر قبل ذلك ٣/ ١٠٦، ولفظه: «من أحيا أرضًا ميتة فهي له»، وأخرجه موصولاً: مالك (٢/ ٧٤٤)، والشافعي في الملحق بالأم (٧/ ٢٤٣)، والبيهقي في الكبرى (١١٧٨٢)، وإسناده صحيح.
(٣) أخرجه أبو داود الطيالسي: (١٥٤٣)، وفيه: زمعة بن صالح وهو ضعيف، وسبق تخريجه.
(٤) في (ح): وهو.
(٥) ينظر: مراتب الإجماع ص ٩٥، التمهيد ٢٢/ ٢٨٥.