للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ تَلِفَتْ؛ فَلَهُ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا (١) شَاءَ مِنَ الْوَاصِفِ والدَّافِعِ إِلَيهِ)، أمَّا الأوَّلُ؛ فَلأِنَّه أخَذَ مالَ غَيرِه بغَيرِ إذْنِه، وتَلِفَ عِندَه، وأمَّا الثَّانِي؛ فَلأِنَّه دَفَعَ المالَ إلى غَيرِ مالِكِه اخْتِيارًا منه، فَضَمِنَه، كما لو دَفَعَ الوديعةَ إلى غَيرِ مالِكِها إذا غلب (٢) على ظنِّه أنَّه مالكها (٣).

وقِيلَ: لا ضَمانَ عَلَيهِ إذا قُلْنا بوجوب الدَّفْع عليه (٤)؛ لأِنَّه فَعَلَ ما أُمِرَ به ولم يُفرِّطْ، وكما لو أُخِذتْ منه كَرْهًا.

(إِلاَّ أَنْ يَدْفَعَهَا بِحُكْمِ حَاكِمٍ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ)؛ لأِنَّها مأْخُوذةٌ منه على سبيل القَهْر، فلم يَضْمَنْها، كما لو غُصِبَتْ منه.

(وَمَتَى ضَمِنَ الدَّاِفعُ (٥)؛ رَجَعَ عَلَى الْوَاصِفِ)؛ لأِنَّه كان سبَبَ تَغْريمه، والتَّلَفُ حَصَلَ في يَدِه، قال في «المغْنِي» و «الشَّرح»: إلاَّ أنْ يكونَ الملْتَقِط قد أَقَرَّ للواصِف أنَّها ملْكُه؛ لأِنَّه قد اعْتَرَف بأنَّ الواصِفَ هو المحِقُّ، وصاحِبُ البيِّنة قد ظَلَمَه.

وظاهِرُه: أنَّ صاحِبَ البيِّنة إذا ضَمَّنَ الواصِفَ؛ لا يَرجِعُ هو على الدَّافِع، وصرَّح به في «المغْنِي» و «الشَّرح»؛ لأِنَّ التَّلَفَ حَصَلَ في يده، والعُدْوانَ منه.

فَرْعٌ: إذا مات الملْتَقِطُ؛ قام وارِثُه مَقامَه في التَّعريف أو إتْمامه، ويَمْلِكُها بَعْدَ تمام التَّعريف، فإنْ لم يُعلَم تَلَفها، ولا وُجِدَتْ في تَرِكَته؛ فهو غَريمٌ بها.

وقِيلَ: لا يَلزَمُ الملْتَقِطَ شَيءٌ.

وقِيلَ: يَلزَمُه إنْ مات بَعْدَ الحَولِ لا قَبْلَه.


(١) قوله: (فله تضمين أيهما) هي في (ح): ضمنها من.
(٢) قوله: (إذا غلب على ظنه) هي في (ظ): إذًا على ظنه. وفي (ح): إذا ظنه.
(٣) في (ح): سالكها.
(٤) في (ح): إليه.
(٥) في (ح): الدفع.