للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال جابِرٌ: «لم يكن أحدٌ من أصحاب النَّبيِّ ذو مَقدِرةٍ إلاَّ وَقَفَ» (١).

ولم يَرَه شُرَيحٌ، وقال: لا حَبْسَ عن فرائضِ الله، قال (٢) أحمدُ: هذا مذهبُ أهلِ الكوفة (٣)، ولعلَّه في غَير المساجِد ونحوِها.

قال القُرْطُبِيُّ (٤): لا خِلافَ بَينَ الأئمَّة في تَحْبِيس القناطِر والمساجِد، واخْتَلَفوا في غَير ذلك، والأوَّلُ قَولُ أكثرِ العلماء سَلَفًا وخَلَفًا.

قال أحمدُ: من يَرُدُّ الوقْفَ إنَّما يَرُدُّ السُّنَّةَ الَّتي أجازها النَّبيُّ ، وفَعَلَها أصحابُه (٥).

ومن الغرائب ما حكاه صاحب «المبسوط» (٦): أنَّ لزومَ الوقْف من الأنبياء خاصَّةً. وجَوابُه: بأنَّ الوقْفَ قُرْبةٌ مندوبٌ إلَيها؛ لقوله تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾ [الحَجّ: ٧٧].

(وَهُوَ تَحْبِيسُ الْأَصْلِ، وَتَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ)، كذا في «التَّلخيص» و «الوجيز»، ومرادُهم بِتَسْبيل المنفعة: أنْ يكونَ على بِرٍّ أو قُرْبةٍ.

وأحْسَنُه: حَبْسُ مالٍ يُمكِنُ الاِنتفاعُ به، مع بقاء عَينه، مَمْنوعٍ من التَّصرُّف في عَينه بلا عُذْرٍ، مصروفٍ منافعُه في البرِّ؛ تقرُّبًا إلى الله تعالى.

وله أربعةُ أرْكانٍ: الواقِفُ، وشَرْطُه: أنْ يكونَ جائزَ التَّصرُّف، والموقوفُ (٧)، والموقُوفُ عَلَيه، وما يَنعَقِدُ به.


(١) أخرجه أبو بكر الخصاف في أحكام الأوقاف (ص ١٥)، وفيه محمد بن عمر الواقدي وهو متروك.
(٢) في (ح): وقال.
(٣) ينظر: الوقوف والترجل ص ٢٠، السنن الكبرى للبيهقي ١١٩٠٩.
(٤) ينظر: المفهم ٤/ ٦٠٠.
(٥) ينظر نحوه: الوقوف والترجل ص ١٩.
(٦) ينظر: المبسوط ١٢/ ٢٩.
(٧) قوله: (والموقوف) سقط من (ح).