للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بلَفْظٍ يُشعِرُ بالمقصود، وهو أظْهَرُ على أصْلِنا، فيصِحُّ: جَعَلْتُ هذا للمسجد (١)، أوْ فِيهِ، ونحوُه، وهو ظاهِرُ نُصوصِه، فيكون تمليكًا للمَسجِدِ، جزم (٢) به الحارِثِيُّ؛ أي: للمسلمين لِنَفْعهم به، وظاهِرُ كلامِ المؤلِّف لا يكون تمليكًا؛ لأِنَّهم ذَكَرُوا في الإقرار له وجْهَينِ؛ كالحَمْل.

(وَكِنَايَتُهُ: تَصَدَّقْتُ (٣)، وَحَرَّمْتُ، وَأَبَّدْتُ)؛ لأِنَّه لم يَثبُتْ لها (٤) عُرْفٌ لُغَوِيٌّ ولا شَرْعِيٌ؛ لأِنَّ الصَّدقةَ تُستعْمَلُ في الزَّكاة، وهي ظاهِرةٌ في صدقة التَّطوُّع، والتَّحريمَ يُستعْمَلُ في الظِّهار، والتَّأبيدَ يَحتَمِل تأبيدَ التَّحريم، أوْ تأبيدَ الوقْف.

(فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ بِالْكِنَايَةِ) بمجرَّده، فَعَلَى هذا: لا بُدَّ من انضمامِ شَيءٍ آخَرَ إلَيها؛ ليترجَّح إفادتها للوقف، وأشار إليه بقوله: (إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَهُ)؛ فيَصِحُّ، ويكون على ما نَوَى، إلاَّ أنَّ النِّيَّةَ تَجْعَلُه وقْفًا في الباطن دُونَ الظَّاهِرِ.

(أَوْ يَقْرِنَ بِهَا أَحَدَ الأَلْفَاظِ الْبَاقِيَةِ) من الصَّرائح والكِناية، وهي خمسةٌ، عُلِمَ ذلك من تمثيله؛ لأِنَّ اللَّفظَ يترجَّح بذلك؛ لإرادة الوقْفِ.

(أَوْ) يَقرِنَ به (حُكْمَ الْوَقْفِ، فَيَقُولَ: تَصَدَّقْتُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً، أَوْ مُحَبَّسَةً، أَوْ مُسَبَّلَةً (٥)، أَوْ مُحَرَّمَةً، أَوْ مُؤَبَّدَةً)، هذا مِثالٌ للأوَّل.

(أَوْ لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ (٦)، هذا (٧) مِثالٌ للثَّاني؛ لأِنَّ هذه


(١) في (ح) و (ق): المسجد.
(٢) في (ح): وجزم.
(٣) كتب في هامش (ظ): (لو قال: "تصدقت بداري على فلان"، ثم قال بعد ذلك: "أردت الوقف"؛ لم يقبل قول المتصدق؛ لأنه مخالف للظاهر، قلت: فيعايا بها).
(٤) في (ق): لهما.
(٥) قوله: (أو مسبلة) سقط من (ق).
(٦) في (ق): أو لا تباع، ولا توهب، ولا تورث.
(٧) في (ح): وهذا.