للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مجهولاً، ونبَّه عليه في «الفائق».

وقيل: لا تصحُّ (١)؛ لأنَّه شَرَط في الهِبة ما يُنافِي مُقْتَضاها، ولِنَفْي الثَّمن.

ورُدَّ: بأنَّه تمليكٌ بعِوَضٍ، فصحَّ كغَيرِه.

(وَعَنْهُ: يُغَلَّبُ فِيهَا حُكْمُ الْهِبَةِ)، ذَكَرَها أبو الخَطَّاب؛ لأِنَّه وُجِدَ لَفْظُها الصَّريح، فكان المغلَّبُ فيها الهِبَة، كما لو لم يَشْرِطْ عِوَضًا، وحِينَئِذٍ: لا يَثبُت فِيها أحكامُ البَيع المخْتصَّة به.

وظاهِرُه: أنَّ الهِبَةَ المطلَقَةَ لا تَقتَضِي عوضًا، سَواءٌ كانت لمِثْله، أوْ دُونِهِ، أوْ أعْلَى منه.

وقال ابنُ حَمْدانَ: هي من (٢) الأدْنَى تَقتَضِي عِوَضًا هو القيمةُ؛ لقَول عُمَرَ: «مَنْ وَهَبَ هِبَةً أراد بها الثَّواب؛ فهو على هِبَته، يَرجِع فيها إذا لم يرضَ منها» (٣).

وجوابُه: بأنَّها عطيَّة على وجهِ التَّبرُّع، فلم تَقتَضِ (٤) ثوابًا؛ كهِبَة المِثْل والوصيَّة، وقولُ عمرَ خالَفَه ابنُه وابنُ عبَّاسٍ (٥).


(١) في (ح) و (ظ): يصح.
(٢) قوله: (من) سقط من (ح).
(٣) أخرجه مالك في رواية أبي مصعب الزهري (٢٩٤٧)، وفي رواية محمد بن الحسن (٨٠٥)، والشافعي في الأم (٤/ ٦٣)، والطحاوي في معاني الآثار (٥٨٢٠)، والبيهقي في الكبرى (١٢٠٢٨)، عن مروان بن الحكم، عن عمر . وفي رواية يحيى الليثي للموطأ (٢/ ٧٥٤)، بدون ذكر مروان. وإسناده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة (٢١٧٠٠)، والطحاوي في معاني الآثار (٥٨٢١)، والبيهقي في الكبرى (١٢٠٢٥)، من وجوه صحيحة عن عمر. وروي مرفوعًا ولا يصح، وصحح الموقوف: الدارقطني والبيهقي وابن حجر والألباني. ينظر: إرواء الغليل ٦/ ٥٥.
(٤) في (ظ): فلم يقتض.
(٥) تبع المصنف صاحبَ المغني ٦/ ٦٦ والشرح ٧/ ١٧، ولم نقف عليه من قولهما، ولعل المراد ما روياه مرفوعًا عند أحمد (٢١١٩)، وأبي داود (٣٥٣٩)، والترمذي (١٢٩٩)، والنسائي (٣٦٩٠)، وابن ماجه (٢٣٧٧)، عن طاوس، عن ابن عمر وابن عباس، عن النبي قال: «لا يحل لرجل أن يعطي عطيةً، أو يهب هبةً، فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومَثَل الذي يُعطي العطية، ثم يرجع فيها؛ كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه»، قال الحافظ في الدراية ٢/ ١٨٤: (صححه الترمذي وابن حبان والحاكم).