للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بَعدَهم، وعَلَيهِ فُقَهاء البَصْرة وقُضاتُها، واحْتَجَّ أبو عُبَيدٍ: بكُتُب رسول الله إلى عُمَّاله وأُمَرائه في أمْرِ وِلايَتِه، وأحكامه، وسُنَّته (١)، ثُمَّ عَمِلَ به الخُلَفاءُ إلى عُمَّالهم بالأحكام الَّتي فيها الدِّماءُ والفُروجُ والأموالُ، مختومةً، لا يَعلَمُ حاملها (٢) ما فيها، وأمضوها (٣) على وَجْهِها، وهذا أَوْلَى من المنْع؛ لظُهور دليله.

ومن الأصحاب مَنْ خرَّج في كلِّ مسألةٍ روايةً من الأخرى، وهذا إذا لم يُعلَمْ رجوعُه عنها، وإنْ طالت مُدَّتُه، وتَغيَّرتْ أحْوالُ الموصِي (٤)؛ لأِنَّ الأصْلَ بقاؤه، فلا يَزولُ حُكْمُه بمجرَّد الاِحْتِمال؛ كسائر الأحكام.

فائدةٌ: يُستَحبُّ أنْ يَكتُبَ وصيَّتَه، ويُشهِدَ عَلَيها؛ لأِنَّه أحْوَطُ لها، وأحْفَظُ لمَا فِيها، وقد رَوَى سعيدٌ، عن فُضَيلِ بنِ عِياضٍ، عن هِشامِ بنِ حَسَّان، عن ابنِ سَيرِينَ، عن أنَسٍ قال: «كانوا (٥) يَكتُبون في صُدُور وصاياهم: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، هذا ما أَوْصَى به فُلانٌ أنَّه يَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله وحده لا شريك له (٦)، وأنَّ محمَّدًا عَبدُه ورسولُه، وأنَّ السَّاعةَ آتِيَةٌ لا رَيبَ فيها، وأنَّ اللهَ يَبعَثُ مَنْ في القُبور، أَوْصَى مَنْ ترك من (٧) أهله (٨) أنْ يتَّقُوا الله،


(١) من ذلك كتاب الصدقة الذي كتبه رسول الله : أخرجه البخاري (١٤٥٣)، من حديث أنس ، وكتاب عمرو بن حزم أخرجه النسائي في الكبرى (٧٠٢٩)، وابن حبان (٦٥٥٩)، والبيهقي في الكبرى (٧٢٥٥)، وهو كتاب مشهورة متلقى بالقبول عند العلماء. ينظر: التمهيد ١٧/ ٣٩٧، التلخيص الحبير ٤/ ٥٨.
(٢) في (ح): حالها فهمًا، وفي (ق): حاكمها.
(٣) في (ح): وأمضوا بها.
(٤) في (ق): القاضي.
(٥) في (ح): كان.
(٦) قوله: (وحده لا شريك له) سقط من (ق).
(٧) قوله: (من) سقط من (ظ).
(٨) زاد في (ظ): أن يشهد.