للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رَوَى أبو أُمامَةَ، قال: سمعتُ رسولَ الله يَقولُ: «إنَّ الله قد أَعْطَى كلَّ ذِي حقٍّ حقَّه، فلا وصيَّةَ لوارِثٍ» رواه أحمد، وأبو داود، والتِّرمذيُّ، وحسَّنَه (١)، وعن عَمْرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه مرفوعًا، قال: «لَا وصيَّةَ لوارثٍ إلاَّ أنْ يُجِيزَ الوَرَثَةُ» رواه الدَّارَقُطْنِيُّ (٢).

وقال بعضُ أصحابنا: الوصيَّةُ باطِلةٌ، وإنْ أجازها الوارِثُ، إلاَّ أنْ يُعطوهُ عطيَّةً مُبتَدَأةً، أخْذًا من ظاهر قول أحمدَ في روايةِ حنبلٍ: (لا وصيَّةَ لوارِثٍ) (٣)، وقالَهُ المزَنِيُّ (٤) وغَيرُه؛ لظاهِرِ خَبرِ أبي أُمامةَ.

والأكثرُ على صحَّتها في نفسها؛ لأِنَّه تصرُّفٌ صَدَرَ من أهْلِه في محلِّه، فصحَّ كالأجنبيِّ، والخبرُ قد خُصَّ بخَبَرِ عمرو، إذ الاستثناءُ من النَّفْي إثْباتٌ، فيكونُ دليلاً على الصِّحَّة عِنْدَ الإجازة، ولو خَلا من الاِستِثْناء؛ جاز أنْ يكونَ مَعْناهُ: لا وصيَّةَ نافِذَةٌ، أوْ لازِمةٌ ونحوهما، أوْ يُقدَّرُ: لا وصيَّةَ لوارِثٍ عِنْدَ عَدَمِ الإجازة.

وفائدةُ الخِلاف: أنَّها إنْ كانَتْ صحيحةً؛ فإجازتهم تنفيذٌ، وإلاَّ هِبَةٌ مُبتَدَأةٌ.


(١) أخرجه أحمد (٢٢٢٩٤)، وأبو داود (٢٨٧٠)، والترمذي (٢١٢٠)، وابن ماجه (٢٧١٣)، من طريق إسماعيل بن عياش، حدثنا شرحبيل بن مسلم، عن أبي أمامة ، وإسماعيل صدوق في روايته عن الشاميين، وشرحبيل شامي، ووثقه أحمد والعجلي، وضعفه ابن معين، وحسن الحديث الترمذي، وصححه الألباني في الإرواء ٥/ ٢٤٥.
(٢) أخرجه الدارقطني (٤١٥٤)، وفيه: سهل بن عمار، اتهمه الحاكم بالكذب، قال ابن حجر: (إسناده واهٍ)، وقال الألباني: (منكر)، وللحديث طرق أخرى عن جماعة من الصحابة، قال ابن حجر: (ولا يخلو إسناد كل منها عن مقال؛ لكن مجموعها يقتضي أن للحديث أصلاً بل جنح الشافعي في الأم إلى أن هذا المتن متواتر). ينظر: تهذيب التهذيب ٢/ ١٢٩، التلخيص الحبير ٣/ ٣٠٥، الفتح ٥/ ٣٧٢، الإرواء ٦/ ٩٨.
(٣) ينظر: الوقوف والترجل ص ٤٤.
(٤) ينظر: الحاوي للماوردي ٨/ ٢١٣.