للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَالْأَخَوَاتُ) من الأبَوَينِ أو الأب (مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ (١)، يَرِثْنَ مَا فَضَلَ كَالْإِخْوَةِ) في قَولِ عامَّة الفقهاء.

وقال ابنُ عبَّاسٍ: «لا شَيءَ للأخوات»، وقال في بنتٍ وأخْتٍ: «للبنت النِّصفُ، ولا شَيءَ للأخت»، فقِيلَ له: إنَّ عمرَ قَضَى بخِلافِ ذلك، فقال ابنُ عبَّاسٍ: «أنتم أعْلَمُ أم الله؟» (٢) يُرِيدُ قَولَه تعالى: ﴿إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ﴾ [النِّسَاء: ١٧٦] فَجَعَلَ لها النِّصفَ مع عَدَمِ الوَلَدِ.

وهذا لا يَدُلُّ على ما ذَهَبَ إلَيهِ، بل يَدُلُّ على أنَّ الأختَ لا يُفرَضُ لها النِّصفُ مع الولد، ونَحنُ نَقولُ به، وإنَّما تأخُذُه (٣) بالتَّعصيب، كالأخ.

(وَلَيْسَتْ لَهُنَّ مَعَهُنَّ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ)، وقد وافَقَ ابنُ عبَّاسٍ على ثُبوتِ مِيراث الأخ مع الولد (٤)، مع قوله تعالَى: ﴿وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ﴾ [النِّسَاء: ١٧٦] وعلى قِياسِ قَولِه: يَنبَغِي أنْ يَسقُطَ الأخُ؛ لاِشْتِراطِه في تَورِيثِها منها عَدَم الولد، وهو خِلافُ الإجْماع، والمبَيِّنُ لكلام الله تعالى رسولُه ، وقد جَعَلَ للأخت مع البنت، وبنت الابن الباقِي عن فَرضِهِما، وهو الثُّلث (٥).


(١) كتب في هامش (ظ): (أي: والمراد بالأخوات والبنات؛ الجنس لا الجمع، فإن الأخت الواحدة مع البنت الواحدة عصبة، فترث أو يرثن ما بقي بعد الفروض، وتسقط هي أو هن باستغراقه، والأصل في ذلك ما رواه البخاري: أن ابن مسعود سئل عن بنت وبنت ابن وأخت، فقال: «لأقضين فيها بما قضى رسول الله ، للبنت النصف، ولبنت الابن السدس وللأخت الباقي»).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٩٠٢٣)، والحاكم (٧٩٧٩)، والبيهقي في الكبرى (١٢٣٣٣)، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وذكر القصة، وإسناده صحيح، قال الحاكم: (على شرط الشيخين)، ووافقه الذهبي.
(٣) في (ق): يأخذه.
(٤) لم نقف عليه صريحًا، وتوريث الأخ مع وجود البنت محل إجماع، ولم يُعرف عن ابن عباس أنه خالف. ينظر: الاستذكار ٥/ ٣٣٥.
(٥) أخرجه البخاري (٦٧٣٦)، وقد سبق.