للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَأَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ أَقْرَبُهُمْ، وَيَسْقُطُ بِهِ)؛ أيْ: بالأقْرَب، (مَنْ بَعُدَ)، وهذا ظاهِرٌ، (وَأَقْرَبُهُمُ: الاِبْنُ، ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ)؛ لقَولِه تعالَى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النِّسَاء: ١١]، والعربُ تَبدَأُ بالأهمِّ فالأهمِّ؛ إذ الفَرْعُ أقْربُ من الأصل؛ لأِنَّ الفَرْعَ جزءُ الميت، وجزءُ الشَّيء أقْرَبُ إلى ذلك الشَّيء مِنْ أصْلِه، واعتَبِرْ هذا بالجُزء المتَّصِل، فإنَّ إصْبعَك جُزؤُك المتَّصلِ، فهو أقْرَبُ إليك من أصلك بالحس، فكذلك جُزؤك المنفصِلِ؛ لأِنَّ المتَّصِلَ والمنفصِلَ مِنْ حَيثُ إنَّهما جزءٌ واحِدٌ لا فَرْقَ بَينَهما، فإذا عَلِمْتَ أنَّ الجزءَ المتَّصِلَ أقْربُ إليه من أصله، فالجزءُ المنفَصِلُ كذلك، وابنُ الاِبن مُلحَقٌ به إجْماعًا، وإنْ (١) قُلْنا: لَفظُ الولد يَصدُقُ عليه حقيقةً أوْ مجازًا؛ فالآيةُ دالَّةٌ عليه.

(ثُمَّ الْأَبُ)؛ لأِنَّ سائرَ العَصَبات يُدْلُون به، (ثُمَّ الْجَدُّ)؛ لأِنَّه أبٌ، وله إِيلادٌ وتَعْصيبٌ، (وَإِنْ عَلَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِخْوَةٌ) لِأَبَوَينِ أو لأِبٍ، فإن اجْتَمَعوا؛ فلهم حكمُ ما (٢) تقدَّم.

تنبيهٌ: الجَدُّ يُفارِقُ الأب في مسائلَ:

الأبُ يُسقِطُ الإخوةَ والأخَواتِ، والجَدُّ يُقاسِمُهم.

الأبُ يَرُدُّ الأمَّ في العُمَريَّتَينِ من الثُّلث إلى ثلثِ الباقي، ولا يَرُدُّها الجَدُّ؛ لأِنَّه لا يُساوِيها في الدَّرجة.

الأبُ يُسقِطُ الجَدَّ، ولا يَسقُطُ هو بحالٍ.

(ثُمَّ الْأَخُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ)؛ لأِنَّه جُزْءُ أبيه، وهو مُقدَّمٌ على الأخ من الأب؛ لأِنَّه ساواه في قَرابة الأبِ، وترجَّح بقَرابة الأمِّ، (ثُمَّ مِنَ الْأَبِ)؛ لِمَا ذَكَرْناهُ، (ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ مِنَ الْأَبَوَيْنِ)؛ لأِنَّه يُدْلِي بأبِيهِ، واقْتَضَى ذلك تقديمَ الأخ من الأب عَلَيهِ، (ثُمَّ) ابنُ الأخ (مِنَ الْأَبِ، ثُمَّ أَبْنَاؤُهُمْ، وَإِنْ نَزَلُوا)؛ لأِنَّهم يُدْلُونَ


(١) في (ق): فإن.
(٢) قوله: (ما) سقط من (ق).