للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«الجامِع الصَّغيرِ»، والشَّريفُ وأبو الخَطَّاب في «خلافيهما»، و «المغْنِي»، و «التَّبصرة»، و «التَّرغيب»؛ لأِنَّ الباغِيَ آثِمٌ ظالِمٌ، فناسَبَ أنْ لا يَرِثَ، مع دخوله في عموم الأدِلَّة، وهذا بخِلافِ العادِلِ؛ لأِنَّه مأْذونٌ في الفِعْل مُثابٌ عَلَيهِ، وذلك لا يُناسِبُ نَفْيَ الإرْثِ.

واخْتارَ المؤلِّفُ وجَمْعٌ: إنْ جَرَحَه العادِلٌ لِيَصيرَ غَيرَ مُمْتَنعٍ؛ وَرِثَه، لا إنْ تعمَّدَ قَتْلَه ابتداءً، قال في «الفروع»: وهو متَّجِهٌ.

ولأِنَّ العادِلَ إذا مُنِعَ من الإرث مع الإذْن؛ جاز أنْ يُمنَعَ منه كلُّ قاتِلٍ؛ لأِنَّ أعْلَى مراتبِه أنْ يكونَ مأْذونًا له فيه.

(فَيُخَرَّجُ مِنْهُ: أَنَّ كُلَّ قَاتِلٍ لَا يَرِثُ) بحالٍ، في رِوايةٍ هي ظاهِرُ الخِرَقِيِّ، وعُموم الأدلَّة يَشهَدُ (١) لها، وهذا مَبْنِيٌّ على سَدِّ الذَّريعة.

والأوَّلُ أَوْلَى؛ لأِنَّه إنَّما حُرِمَ المِيراثَ في مَحَلِّ الوِفاق؛ لِئَلاَّ يُفْضِيَ إلى اتِّخاذ القَتْل المحرَّمِ وسيلةً، وفي مَسألَتِنا حِرْمانُ المِيراثِ يمنَعُ إقامةَ الحدود واسْتِيفاءَ الحُقوق المشروعةِ، ولا يُفْضِي إلى اتِّخاذ قَتْلٍ مُحرَّمٍ، فهو ضِدُّ ما ثَبَتَ في الأصل.

مسألةٌ: أربعةُ إخْوةٍ قَتَلَ أكبرُهم الثَّانِيَ، ثُمَّ قَتَلَ الثَّالِثُ الأصغرَ؛ سَقَطَ القِصاصُ عن الأكبر؛ لأِنَّ مِيراثَ الثَّاني صار للثَّالثِ والأصغرِ نِصفَينِ، فلمَّا قَتَلَ الثَّالِثُ الأصغرَ؛ لم يَرِثْه، ورثه (٢) الأكبرُ، فَرَجَعَ إليه نصفُ دَمِ نَفْسِه، وميراثُ الأصغرِ جميعُه، فيَسقُطُ عنه القِصاصُ لمِيراثه بعضَ دم نِفْسِه، وله القِصاصُ من الثَّالث، ويَرِثُه في ظاهر المذهب، فإنْ اقْتَصَّ منه وَرِثَه، وَوَرِثَ إخْوتَه الثَّلاثةَ، واللهُ أعْلَمُ بالصَّواب (٣).


(١) في (ق): تشهد.
(٢) في (ظ): دونه. والذي في المغني ٦/ ٣٦٦، والشرح الكبير ١٨/ ٣٧٥: وورثه.
(٣) قوله: (بالصواب) سقط من (ق).