للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولَا وَلاءَ لي عَلَيك، وأصْلُه من تَسْيِيبِ (١) الدَّوابِّ، ولا نِزاعَ في صحَّة العِتْق، والخِلافُ إنَّما هو في ثُبوت الوَلاء للمعتِق، وفِيهِ رِوايَتانِ، حكاهما الشَّيخانِ.

فأشْهَرُهما، واختاره أكثرُ الأصحاب، حتَّى إنَّ القاضِيَ والشَّريفَ وأبا الخَطَّاب في «خِلافَيهِما» وابنَ عَقِيلٍ في «التَّذكرة» لم يَذكُرُوا خِلافًا: أنَّه لا وَلاءَ عَلَيهِ؛ لأِنَّ «ابنَ عمرَ أعْتَقَ سائبةً، فمات، فاشْتَرَى ابنُ عمرَ بماله رِقابًا، فأعْتَقَهم» (٢)، وعلَّله أحمدُ (٣): بأنَّه جَعَلَه لله، فلا يَجوزُ أنْ يَرجِعَ إلَيهِ منه شَيءٌ، ففي عَقْلِه لكَونه معتِقًا، وانْتِفاء الوَلاءِ عنه؛ روايتانِ، قاله أبو المعالي، ومالُه لبيت المال.

والثَّانيةُ: أنَّه يَثبُتُ الوَلاءُ للمعتِق، وجَزَمَ بها في «الوجيز»، وقدَّمها في «الفروع»، قال المؤلِّفُ: وهو أصحُّ في النَّظر؛ لعموم الأخبار، وعن هُزَيلِ بنِ شُرَحْبِيل قال: جاء رجلٌ إلى عبد الله فقال: إنِّي أعتقتُ عَبْدًا، وجَعَلْتُه سائبةً فَماتَ، وتَرَكَ مالاً، ولم يَدَعْ وارِثًا؟ فقال عبدُ الله: «إنَّ أهلَ الإسلام لا يُسَيِّبونَ، وإنَّما كان أهلُ الجاهليَّة يُسَيِّبونَ، وأنْتَ وليُّ نعمتِه، وإنْ (٤) تأثَّمْتَ وتحرَّجْتَ في شَيءٍ؛ فنَحنُ نَقبَلُه»، وجَعَلَه في بَيتِ المالِ، رواه مسلِمٌ (٥)،


(١) في (ق): تسيبت.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٦٢٣١)، وابن أبي شيبة (٣١٤٣٠)، والبيهقي في الكبرى (٢١٤٨٥)، عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عمر . وذكره. إسناده صحيح متصل.
(٣) ينظر: مسائل عبد الله ص ٣٩٨.
(٤) في (ق): فإن.
(٥) لم نقف عليه في مسلم، والمصنف تبع ما في المغني (٦/ ٤١٣)، والشرح (١٨/ ٤٢٠)، والحديث عزاه في تحفة الإشراف (٩٥٩٦)، إلى البخاري وحده، وذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين (١/ ٢٣٨) في أفراد البخاري.
وقد أخرجه البخاري (٦٧٥٣)، مختصرًا كما قال الحميدي والبيهقي، وأخرجه سفيان بتمامه في الفرائض (٥٦)، بالإسناد الذي رواه البخاري عنه، وعنه عبد الرزاق (١٦٢٢٣)، والطبراني في الكبير (٩٨٧٩)، والبيهقي في الكبرى (٢١٤٧٣).