للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوَلاءُ ثابِتًا على أَبَوَيهِ دُونَه، مع كَونِه مولودًا لهما في حالة رِقِّهما، وليس لنا مثلُ هذا في الأصول، ولا يُمكِنُ أنْ يكونَ مَولَى نفسِه يَعقِلُ عنها ويَرِثُها ويُزَوِّجُها.

(وَإِنِ اشْتَرَى الْوَلَدُ عَبْدًا، فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى الْعَتِيقُ أَبَا مُعْتِقِهِ، فَأَعْتَقَهُ؛ ثَبَتَ لَهُ وَلَاؤُهُ)؛ أيْ: فإنَّه يَجُرُّ وَلاءَ سيِّده، فيكونُ لهذا الوَلَدِ على مُعتَقِه الولاءُ بإعْتاقِه إيَّاه، (وَجَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِ)؛ أيْ: وللعَتيق وَلاءُ مُعتِقه بِوَلائه على أبَوَيهِ، (وَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَى الآْخَرِ)؛ لأِنَّ الوَلَدَ مَولَى المعتَق؛ لأِنَّه أعْتَقَه، والمعتَقَ مَولَى الوَلَدِ؛ لأِنَّه أعْتَقَ أباهُ، وشَرْطُه أنْ يكونَ الوَلَدُ من مُعتقه؛ لِيَنجَرَّ الوَلاءُ إلى المعتِقِ بشِراء أبِيهِ، فلو كانت حُرَّةَ الأصل، لم يكُنْ عَلَيهِ وَلاءٌ لأِحَدٍ.

(وَمِثْلُهُ: لَوْ أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدًا، ثُمَّ سَبَى الْعَبْدُ مُعْتِقَهُ)؛ أيْ: أَسَرَ سيِّدَه، (فَأَعْتَقَهُ؛ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَاءُ صَاحِبِهِ)؛ لأِنَّ كلَّ واحِدٍ منهما مُنْعِمٌ على الآخَر بخَلاصِ رَقَبتِه من الرِّقِّ.

فإنْ سَبَى المسلِمونَ العتيقَ الأوَّلَ؛ فَرَقَّ، ثُمَّ أُعْتِقَ؛ فولاؤه لمُعْتِقِه ثانِيًا، وقِيلَ: للأوَّل، وقِيلَ: لهما.

فَعَلَى الأوَّل، وهو الأصح: لا يَنجَرُّ ما كان للأوَّل قَبْلَ الرِّقِّ مِنْ وَلاءِ وَلَدٍ، أوْ عتيقٍ، إلى الأخير، وكذا عَتِيقُ ذِمِّيٍّ، وقِيلَ: أوْ مسلِمٍ.

مسائلُ:

الأولى: إذا تزوَّج ولدُ المعتَقة بمعتَقةٍ، فأوْلَدَها، فاشْتَرَى جَدَّه؛ عَتَقَ عَلَيهِ، وله ولاؤه، وولاءُ أبِيهِ، وسائرُ أوْلادِ جَدِّه، وولاءُ المشْتَرِي لِموْلَى أُمِّ أبِيهِ في قَولِ الجُمهور.

الثَّانيةُ: إذا تزوَّج عبدٌ بمعتَقةٍ، فأوْلَدَها، فتزوَّج الولَدُ بمعْتَقَة رَجُلٍ، فأوْلَدَها؛ فولاءُ هذا لِموْلَى أمِّ أبِيهِ في وَجْهٍ؛ لأِنَّ له الوَلاءَ على أبِيهِ، فكان له