للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ: عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ: أنَّه لا يَعتِقُ بشِراءِ رَحِمٍ غَيرِ مَحْرَمٍ، ولا مَحْرَمٍ برَضاعٍ أو مُصاهَرَةٍ، نَقَلَه الجَماعةُ (١)، وقال: على قَولِ النَّبيِّ : «مَنْ مَلَكَ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ فهو حُرٌّ» فالرَّضاعةُ لَيسَتْ بِرَحِمٍ، وقال الزُّهْرِيِّ: «مَضَتِ السُّنَّةُ بأنْ يُباعَ» (٢)، وكَرِهَ أحمدُ بَيعَ أخِيهِ لِرضاعٍ (٣)، رُوِيَ عن ابنِ مَسْعودٍ (٤).

(وَإِنْ مَلَكَ وَلَدَهُ مِنَ الزِّنَى؛ لَمْ يَعْتِقْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ)، المذهَبُ: أنَّ أحكامَ الولَدِ غَيرُ ثابِتَةٍ فيه، وهي: الميراثُ، وعَدَمُ الحَجْب، والمحرَمِيَّة، ووجوبُ الإنفاق، وثبوتُ الوِلايَة عليه، ومِثلُه: لو مَلَكَ أباهُ من زِنًى، ذَكَرَه في «التَّبصرةِ».

(وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَعْتِقَ)؛ لأِنَّه جُزؤُه حقيقةً، وقد ثبت فيه حكمُ تحريمِ التَّزويج، بدليل أنَّه لو مَلَكَ وَلَدَه المخالِفَ له في الدِّين؛ عَتَقَ عليه مع انتفاء هذه الأحكام، لكِنْ قال أبو الخَطَّاب: قِياسُ المذهب في تحريمِ نكاحِ بنتِه من الزِّنى: أنْ يَعتِقَ عَلَيهِ.

(وَإِنْ مَلَكَ سَهْمًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ، وَهُوَ مُوسِرٌ؛ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ)، سواءٌ مَلَكَه بعِوَضٍ أوْ بغَيرِه؛ كالهِبة والاِغْتِنام والوصيَّة، باخْتِياره أو بغَيرِه، كالميراث؛ لأِنَّ كلَّ ما يَعتِقُ به الكُلُّ؛ يَعتِقُ به البَعْضُ؛ كالإعتاق بالقَولِ.

(وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا؛ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إِلاَّ مَا مَلَكَ)؛ لأِنَّه لو أعْتَقَه لم يَعتِقْ،


(١) ينظر: مسائل ابن منصور ٨/ ٤٢٥٦، الفروع ٨/ ١٠٤.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٦٨٦٦)، بإسناد صحيح.
(٣) ينظر: الفروع ٨/ ١٠٤.
(٤) أخرجه عبد الرزاق (١٦٨٦٠)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (٩٧٢٠)، وابن حزم في المحلى (٨/ ١٩٢)، عن علقمة قال: جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: إن جارية لي أرضعت ابنًا لي، وإني أريد أن أبيعها، قال: فمقته ابن مسعود وقال: «ليته ينادي: من أَبيعه أم ولدي؟» إسناده صحيح ورجاله رجال الشيخين.