للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الثَّاني: إذا قالا لِعبْدِهما: إنْ مُتْنا فأنْتَ حُرٌّ؛ فهو تعليقٌ للحرِّيَّة بمَوتِهما جميعًا، ذَكَرَه القاضِي وغَيره، ولا يَعتِقُ بمَوتِ أحدِهِما شَيءٌ، ولا بِبَيعِ وارِثِه حقَّه.

وقال أحمدُ، واختاره المؤلِّفُ: إذا مات أحدُهما فنصيبُه حُرٌّ (١).

فإنْ أراد أنَّه حُرٌّ بَعْدَ آخِرِهما مَوتًا؛ فإنْ جاز تعليقُ الحُرِّيَّة على صفةٍ بَعْدَ الموت؛ عَتَقَ بَعْدَ مَوتِ الآخَرِ منهما عَلَيهما، وإلاَّ عَتَقَ نصيبُ الآخَر منهما بالتَّدبير، وفي سِرايَته إن احْتَمَله ثُلثُه الرِّوايَتانِ.

(وَإِنْ قَالَ: مَتَى شِئْتَ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ، فَمَتَى شَاءَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا)، يَعتِقُ بمَوته؛ لأِنَّ المشيئةَ على التَّراخِي، فَمَتَى وُجِدَت المشيئةُ وُجِدَ الشَّرطُ، كقَولِه: إذا شِئْتَ، أوْ أيَّ وقتٍ شِئْتَ، فإنْ ماتَ السَّيِّدُ قَبْلَ المشيئة؛ بَطَلَتْ.

فإنْ قال: مَتَى شِئْتَ بَعْدَ مَوتِي، أوْ أيَّ وَقْتٍ شِئْتَ بَعْدَ مَوتِي؛ فهو تعليقٌ للعتق على صفةٍ.

وقال القاضي: يَصِحُّ، فعليه: يكونُ على التَّراخي، وما كسبَه قَبْلَ مشيئته فهو لورثة سيِّده، بخلافِ الموصَى به، فإنَّ في كَسْبِه قَبْلَ القَبولِ وَجْهَينِ.

(وَإِنْ قَالَ: إِنْ شِئْتَ، فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ؛ فَقِيَاسُ المَذْهَبِ: أَنَّهُ كَذَلِكَ)، أيْ: أنَّه على التَّراخِي؛ كَ: مَتَى شِئْتَ.

(وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِنْ شَاءَ فِي الْمَجْلِسِ صَارَ مُدَبَّرًا، وَإِلاَّ فَلَا)؛ لأِنَّ المشيئةَ كالاِختِيار.

(وَإِذَا قَالَ: قَدْ رَجَعْتُ فِي تَدْبِيرِي، أَوْ قَدْ أَبْطَلْتُهُ؛ لَمْ يَبْطُلْ) في الصَّحيح من المذْهَبِ؛ (لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْعِتْقِ بِصِفَةٍ)، وكما لو قال: إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فأنْتَ حُرٌّ.


(١) ينظر: المغني ١٠/ ٣٤٧.