للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حقٌّ له، ولم يَرْضَ بِزَواله، فلم يَزُلْ؛ كما لو علَّق عِتْقَه على شَرْطٍ؛ لم يَعتِقْ قَبْلَ وُجودِه.

والصَّحيحُ في المذهب الأوَّلُ، وأطْلَقَ أحمدُ والخِرَقِيُّ قَولَهما فيه، وهو مُقَيَّدٌ بما لا ضَرَرَ في قَبْضه قَبْلَ مَحِلِّه، كالذي لا يَختَلِفُ قَديمُه ولا حَديثُه، ولا يَحتاجُ إلى مُؤْنَةٍ.

وقال القاضِي: المذْهَبُ عِنْدِي: أنَّ فيه تَفْصيلاً ذَكَرْناهُ في السَّلَم.

واخْتارَ أبو بَكْرٍ: أنَّه يَلزَمُه قَبولُه من غَيرِ تَفْصيلٍ؛ اعْتِمادًا على إطْلاقِ أحمدَ والخِرَقِيِّ، رواه سعيدٌ عن عمرَ وعُثْمانَ (١)، ولأِنَّ الأجلَ حقٌّ لِمَنْ عَلَيهِ الدَّينُ، فإذا قدَّمه؛ فقد رَضِيَ بإسْقاطِ حقِّه، فَسَقَطَ كسائر الحقوق.


(١) لم نقف عليه عند سعيد بن منصور، وأثر عمر : أخرجه ابن سعد في الطبقات (٧/ ١٢٠)، والبيهقي في الكبرى (٢١٧٠٧)، وابن حزم (٨/ ٢٥١)، عن أنس بن سيرين، عن أبيه، قال: كاتبني أنس بن مالك على عشرين ألف درهم، فأتيت أنس بن مالك بكتابته، فأبى أن يقبلها مني إلا نجومًا، فأتيت عمر بن الخطاب فذكرت ذلك له، فقال: «أراد أنس الميراث»، وكتب إلى أنس: «أن اقبلها من الرجل». فقبلها. قال ابن حزم: (هذا أحسن ما روي فيه عن عمر، وسائرها منقطع)، وصححه الألباني في الإرواء ٥/ ٢١٧. وروي من وجوه أخرى عند ابن وهب في المدونة (٢/ ٤٦٤)، وابن أبي شيبة (٢٢٥٤٨)، والدارقطني (٤٢١٥)، وغيرهم ولا تخلو من ضعف.
وأثر عثمان : أخرجه ابن أبي شيبة (٢٢٥٤٦)، والبيهقي في الكبرى (٢١٧١٠)، عن محمد بن سيرين، قال: أراد مكاتب أن يُعطي مولاه المال كله، فقال: لا آخذه إلا نجومًا، فكتب له عثمان عتقه، فأخذ المال، وقال: «أنا أعطيكه نجومًا، فلما رأى ذلك الرجل أخذ المال». وذكر ابن المبارك عند البيهقي أن قتادة روى نحوه عن عثمان . وأخرج عبد الرزاق (١٥٧١٤)، عن أبي قلابة عن عثمان نحوه. فهذه مراسيل حسان، يتقوَّى بعضها ببعض، واحتج به أحمد في مسائل ابن منصور (٨/ ٤٤٠٩). وروى ابن وهب كما في المدونة (٢/ ٤٦٥)، ومن طريقه ابن حزم (٨/ ٢٥١)، وابن عساكر في تاريخه (١١/ ٥٠٦)، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن أباه كاتب عبدًا له، وذكر قصة نحوها عن عثمان. رواه ابن وهب عن ابن لهيعة، وهو ضعيف، وروايته عنه أمثل من غيرها.