للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَطْهُرْنَ﴾ [البَقَرَة: ٢٢٢]؛ أي: حتَّى ينقطع دمهنَّ، ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ [البَقَرَة: ٢٢٢]؛ أي: اغتسلن بالماء؛ ﴿فَأْتُوهُنَّ﴾ [البَقَرَة: ٢٢٢]، كذا فسره ابن عبَّاس (١)، وهي قراءة الأكثر بالتَّخفيف في الأولى، وأهل الكوفة بتشديدها، واتَّفق الكل على تشديد الثَّانية، والتَّطهُّر: تَفَعُّل، إنَّما يكون فيما يتكلَّفه (٢) ويروم تحصيله، فيقتضي اتخاذ الفعل منه؛ كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المَائدة: ٦]، وانقطاع الدَّم غير منسوب إليها، ولا صنع لها فيه.

لا يقال: ينبغي على قراءة الأكثر: أنَّه ينتهي النَّهي عن القُرْبان بانقطاع الدَّم؛ إذ الغاية تدخل في المغيَّا لكونها بحرف حتَّى؛ لأنَّه قبل الانقطاع النهي عن القربان مطلق، فلا يباح بحال، وبعده يزول التحريم (٣) المطلق، ويصير إباحة وطئها موقوفًا على الغسل، وظهر أنَّ قراءة الأكثر؛ أكثر فائدةً.

وقيل: لا يحرم وطؤها بعد الانقطاع، وقاله داود وه (٤): إذا انقطع دمها لأكثره، وهو عشرة أيَّام؛ حلَّ وطؤها، وإلَّا لم يُبَح حتَّى تطهُر.

وعلى الأوَّل: لو عَدِمت الماء؛ تيمَّمت وحلَّ وطؤها، وإن تيمَّمت لها، حلَّ؛ لأنَّ ما أباح الصَّلاة أباح ما دونها، ولو عبَّر بالطُّهر لكان أولى؛ لشموله ما ذكرنا.

فرع: إذا أراد وطأها فادَّعتْ حيضًا وأمكن؛ قُبِل، نصَّ عليه (٥)؛ لأنَّها


(١) أخرجه الطبري في تفسيره (٣/ ٧٣٣)، وابن أبي حاتم في التفسير (٢١١٩)، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: «﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ [البَقَرَة: ٢٢٢] يقول: فإذا طهرت من الدم وتطهرت بالماء»، علي بن طلحة لم يسمع من ابن عباس، إلا أنها صحيفة معتبرة عند جماعة من أهل العلم؛ لكونه أخذها عن مجاهد وعكرمة. ينظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٧٥، المراسيل لابن أبي حاتم ص ١٤٠.
(٢) في (و): يتكلف.
(٣) زيد في (و): ثم.
(٤) ينظر: المبسوط للسرخسي ٢/ ١٦، تبيين الحقائق ١/ ٥٨.
(٥) ينظر: الفروع ١/ ٣٥٦.