كذا هذا، ويَجِبُ مهرُ المثل؛ لأِنَّها لم تَرْضَ إلاَّ ببدلٍ، ولم يُسلَّم (١) البدَلُ، وتعذَّر ردُّ العِوض، فوجب ردُّ بَدَلِه، كما لو باعه سلعةً بخمرٍ، فتَلِفَتْ عندَ المشْتَرِي.
(وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ أَبْوَابٍ مِنَ الْفِقْهِ، أَوِ الْحَدِيثِ، أَوْ قَصِيدَةٍ مِنَ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ)، أوْ أَدَبٍ، أَوْ صَنْعةٍ، أوْ كِتابةٍ، وهو مُعَيَّنٌ؛ (صَحَّ)؛ لأِنَّه يَصِحُّ أخْذُ الأُجرة على تعليمه، فجاز أنْ يكونَ صَداقًا؛ كمَنافِعِ الدّار، حتَّى ولو كان لا يَحفَظُها، نَصَّ عليه، ويَتعلَّمُها ثُمَّ يُعلِّمُها.
(فَإِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهَا؛ لَمْ يَصِحَّ) على المذهب، كذا قِيلَ، واخْتارَهُ في «الوجيز»؛ لأِنَّه أصْدَقَها شَيئًا لا يَقدِرُ عليه، كما لو اسْتَأْجَرَ على الخِياطة مَنْ لا يُحْسِنُها، وكذا لو قال: على أنْ أُعَلِّمَكِ.
(وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَصِحَّ)، ذَكَرَه في «المجرَّد»؛ لأِنَّ هذا يكونُ في ذمَّته، أشْبَهَ ما لو أصْدَقَها مالاً في ذمَّتِه لا يَقدِرُ عليه في الحالِ، (وَ) على هذا: (يَتَعَلَّمُهَا ثُمَّ يُعَلِّمُهَا)، أوْ يُقيمُ لها مَنْ يُعلِّمُها، لأِنَّه بذلك يَخرُجُ عن عُهدةِ ما وَجَبَ عليه.
فإنْ جاءَتْ بغَيرِها فقالت: علِّمه القصيدةَ التي تُريدُ تُعلِّمني إيَّاها، أوْ أتاها بغَيرِه يُعلِّمُها؛ لم يَلزَمْ ذلك في الأَشْهَرِ؛ لأِنَّ المسْتَحَقَّ عليه العملُ في عَينٍ لم يَلزَمْه إيقاعُه في غَيرها، ولأِنَّ المعلِّمينَ يَختَلِفون في التَّعليم.
(فَإِنْ تَعَلَّمَتْهَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لَزِمَهُ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهَا)؛ لأِنَّه لَمَّا تعذَّر الوفاءُ بالواجب؛ وَجَبَ الرُّجوعُ إلى بَدَلِه، وكذا إنْ تعذَّر عليه تعليمُها، كما لو أصْدَقَها خِياطَةَ ثَوبٍ، فتعذَّرَ.