للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ زَالَ بِسَبَبٍ لَا يُعْذَرُ فِيهِ، كَالسَّكْرَانِ، وَمَنْ شَرِبَ مَا يُزِيلُ عَقْلَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ؛ فَفِي صِحَّةِ طَلَاقِهِ رِوَايَتَانِ (١):

إحداهما: يَقَعُ، قال ابنُ هُبَيرةَ: هي أظْهَرُهما، اختارها الخَلاَّلُ والقاضي والأكثرُ؛ لِمَا تقدَّمَ من قَولِه: «كلُّ الطَّلاق جائزٌ إلاَّ طلاقَ المعْتُوهِ» (٢)، وقال مُعاوِيَةُ: «كلُّ أحَدٍ طلَّق امرأتَه جائِزٌ، إلاَّ طلاقَ المجنون» رواه البَيهَقِيُّ بإسْنادٍ حَسَنٍ (٣)، ولأِنَّ الصَّحابة جَعَلُوه كالصّاحِي في الحدِّ بالقَذْفِ، وقال (٤) عليٌّ بمَحْضَرٍ من عمرَ وغيرِه: «تَراهُ إذا سَكِرَ هَذَى، وإذا هَذَى افْتَرَى، وعلى المفْتَرِي ثمانونَ» رواه مالِكٌ بإسْنادٍ جيِّدٍ (٥)، ولأِنَّه مُكلَّفٌ، فَوَقَعَ طلاقُه


(١) في (م): وجهان.
(٢) تقدم تخريجه ٨/ ١٠٩ حاشية (١).
(٣) أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (١٢/ ٢٤٣)، والبيهقي في الكبرى (١٥١١٣)، عن رجاء بن حيوة في قصة. وإسناده صحيح كما قال الألباني في الإرواء ٧/ ١١٢، وأخرج أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (ص ٥٠٨)، القصة دون ذكر كتاب معاوية، وقال: (هذه مشاهدة وسماع صحيح).
(٤) في (م): قال.
(٥) أخرجه مالك (٢/ ٨٤٢)، وعنه الشافعي في الأم (٦/ ١٩٥)، وابن شبة في تاريخ المدينة (٢/ ٧٣٢)، والبيهقي في الخلافيات (٤٤٤٣)، وابن حجر في موافقة الخبر (٢/ ٤٢٢)، عن ثور بن زيد الديلي به. وهو منقطع كما قال ابن عبد البر، بل قال ابن حجر: (معضل).
وأخرجه النسائي في الكبرى (٥٢٦٩)، والطحاوي في مشكل الآثار (٤٤٤١)، والدارقطني (٣٣٤٤)، والحاكم (٨١٣٢)، والبيهقي في الكبرى (١٧٥٤٣)، وابن حجر في موافقة الخبر (٢/ ٤٢٢)، من طريق يحيى بن فليح المدني، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس بنحوه. هذا متصل، لكن يحيى مجهول. وأخرجه عبد الرزاق (١٣٥٤٢)، عن عكرمة مرسلاً. وأخرج الطحاوي في معاني الآثار (٤٨٩٧)، والدارقطني (٣٣٢١)، والحاكم (٨١٣١)، والبيهقي في الكبرى (١٧٥٣٩)، وابن حجر في موافقة الخبر (٢/ ٤٢٥)، عن وبرة الكلبي نحوه في قصة. ووبرة مجهول. وأعله ابن حجر بما ثبت عن علي في مسلم (١٧٠٧)، أنه جلد أربعين، ثم قال الحافظ: (فلو كان هو المشير بالثمانين ما أضافها إلى عمر، ولم يعمل بها، لكن يمكن أن يقال: إنه قال لعمر باجتهاد، ثم تغير اجتهاده)، وقال ابن القيم: (وهذه مراسيل ومُسندات من وجوه متعددة يقوي بعضها بعضًا، وشهرتها تغني عن إسنادها). ينظر: الاستذكار ٨/ ٧، إعلام الموقعين ٢/ ٣٧٥، التلخيص الحبير ٤/ ٢٠٨، الفتح ١٢/ ٦٩، الإرواء ٧/ ١١١.