للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقوله تعالى: ﴿فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً﴾ [الأحزَاب: ٢٨]، ولأِنَّهما فُرقةٌ بَينَ الزَّوجَينِ، فكانا صريحَينِ فيه؛ كلفظ الطَّلاق، (وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُنَّ)؛ كالمتصرِّف من الطَّلاق.

والأوَّلُ أصحُّ؛ لأِنَّه لا يصحُّ القياسُ على لفظ الطَّلاق، فإنَّه مختصٌّ بذلك سابق إلى الأفهام من غير قرينةٍ ولا دلالةٍ.

(فَمَتَى أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ؛ وَقَعَ، نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ)، بغَيرِ خلافٍ (١)، ذَكَرَه في «الشَّرح»؛ لأِنَّ سائرَ الصَّرائح لا تَفتَقِرُ إلى نيَّةٍ، فكذا صريحُ الطَّلاق، سواءٌ كان ذلك جِدًّا أوْ هازِلاً، حكاه ابن المنذر إجماعَ مَنْ يَحفَظ عنه (٢)، وسَنَدُه ما روى أبو هريرة مرفوعًا: «ثَلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ وهَزْلُهنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ، والطَّلاقُ، والرَّجْعةُ» رواه أحمدُ، وأبو داودَ، والتِّرمذي، وقال: حسنٌ غريبٌ (٣).

وعنه: أنَّ الصريح يفتقر إلى نية أو دلالة حال، من غضب (٤)، أو محاورة في كلام (٥).


(١) ينظر: معالم السنن ٣/ ٢٤٣، المغني ٧/ ٣٩٧.
(٢) ينظر: الإجماع ص ٨٥.
(٣) أخرجه أبو داود (٢١٩٤)، والتِّرمذي (١١٨٤)، وابن ماجه (٢٠٣٩)، وابن الجارود (٧١٢)، والحاكم (٢٨٠٠)، وفي سنده: عبد الرحمن بن حبيب بن أَدْرك، وهو مختلف فيه، قال النسائي: (منكر الحديث)، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحاكم: (من ثقات المدنيين)، وقال الذهبي: (صدوق، وله ما ينكر)، وقال ابن حجر: (لين الحديث)، قال التِّرمذي: (حسن غريب)، وصححه الحاكم وابن الجارود وابن الملقن، وحسنه ابن حجر والألباني، وللحديث شواهد لا تخلو من مقال، ولم نقف عليه عند أحمد في مسنده المطبوع. ينظر: ميزان الاعتدال ٢/ ٥٥٥، تهذيب التهذيب ٦/ ١٥٩، البدر المنير ٨/ ٨٣، التلخيص الحبير ٣/ ٤٤٨، الإرواء ٦/ ٢٢٤.
(٤) في (م): غضبه.
(٥) في (م): الكلام. وفي (ظ): محاوزة في كلام.