للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحُّهما: أنَّه ظِهارٌ؛ لأِنَّ معناه: أنتِ حرامٌ عليَّ كالميتة والدَّم، فإنَّ تشبيهَها بهما يَقتَضِي التَّشْبيهَ بهما في الأمر الَّذي اشتهرَا بِهِ، وهو (١) التَّحريم؛ لقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ [المَائدة: ٣].

والثَّاني: أنَّه يمينٌ؛ لأِنَّ الأصلَ براءةُ الذِّمَّة، فإذا أتى بلفظٍ مُحتَمِلٍ؛ ثَبَتَ فيه أقلُّ الحُكْمَينِ؛ لأِنَّه اليقينُ، وما زاد مشكوكٌ فيه.

(وَإِنْ قَالَ: حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ)، أو قال: عليَّ يمينٌ بالطَّلاق، (وَكَذَبَ؛ لَزِمَهُ إِقْرَارُهُ فِي الْحُكْمِ) على الأصحِّ؛ لأِنَّه خلافُ ما أقرَّ به؛ ولأنَّه إذا أقرَّ، ثُمَّ قال: كَذَبْتُ؛ كان جحودًا بعدَ الإقرار، فلا يُقبَلُ؛ كما لو أقرَّ بدَينٍ ثُمَّ أنْكَرَ.

والثَّانيةُ: لا يَلزَمُه شَيءٌ؛ لأِنَّه لم يَحلِفْ، واليمينُ إنَّما تكون بالحَلِف.

(وَلَا يَلْزَمُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى) على الأصحِّ؛ لأِنَّه يَحتَمِلُ ما قاله؛ لأِنَّ الذي قَصَدَ الكَذِبَ لا نيَّةَ له في الطَّلاق، فلا يَقَعُ به شَيءٌ؛ لأِنَّه لَيسَ بصريحٍ في الطَّلاق، فلم يَقَعْ به؛ كسائر الكنايات.

وحَكَى في «زاد المسافر» عن الميمونيِّ أنَّ أحمدَ قال: إذا حَلَفت بالطَّلاق، ولم يكُنْ حَلف؛ يَلزَمُه الطَّلاقُ، ويُرجَع إلى نيَّته في الثَّلاث والواحدة.

وقال القاضي: مقْتَضَى قولِ أحمدَ: (يَلزَمُه الطَّلاقُ)؛ أي: في الحكم، ويجعل (٢) أنَّه طلاق إذا نواه.

فرعٌ: يُقبَلُ قَولُه في قَدْرِ ما حَلَفَ به، وفي الشَّرط الذي علَّق اليمينَ به؛ لأِنَّه أعْلَمُ بحاله، ويُمكِنُ حملُ كلامِ أحمدَ على هذا، فيَلزَمُه في ظاهر الحكم، لا فِيمَا بَينَه وبَينَ الله تعالى.


(١) في (ظ): هو.
(٢) كذا في النسخ الخطية، وفي المغني ٧/ ٤٠١، والشرح الكبير ٢٢/ ٢٧٧: ويحتمل.