للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصدرَ كما يَقتَضيهِ الفِعْلُ، والمصدرُ يَقَعُ على القليل والكثير (١).

(وَالْأُخْرَى: وَاحِدَةٌ)، وهي (٢) قَولُ الحَسَنِ، والثَّوريِّ، والأوزاعيِّ، واختارها أكثرُ المتقدِّمِينَ؛ لأِنَّ هذا اللَّفظَ لا يَتضمَّنُ عددًا ولا بَينونَةً، فلم يَقَعْ به الثَّلاثُ، ولأِنَّ أنتِ طالِقٌ إخبارٌ عن صفةٍ هي عليها، فلم يتضمَّن العدد (٣)، كقوله (٤): حائضٌ وطاهرٌ.

والأُولى أصحُّ، والفَرْقُ ظاهِرٌ؛ لأِنَّه لا يُمكِنُ تعدُّدهما في حقِّها في آنٍ واحدٍ، بخلاف الطَّلاق.

ولو قال: أنتِ طالِقٌ ثلاثًا، ونَوَى واحدةً، فهِي ثلاثٌ، بغَيرِ خلافٍ نَعلَمُه (٥)؛ لأِنَّ اللَّفظَ صريحٌ في الثَّلاث، والنِّيَّةُ لا تُعارِضُ الصَّريحَ؛ لأِنَّها أضْعَفُ.

(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَنَوَى ثَلَاثًا؛ لَمْ تَطْلُقْ إِلاَّ وَاحِدَةً فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ)، وهو الأصحُّ؛ لأِنَّه نَوَى ما لا يَحتمِلُه لَفْظُه، فلو وَقَعَ أكثرُ منها؛ وقع بمجرَّد النِّيَّة.

والثَّاني: يَقَعُ ثلاثًا؛ لأِنَّه نواها؛ ولأِنَّه يَحتَمِلُ أنتِ طالِقٌ واحدةً معها اثْنَتانِ.

قال (٦) في «المغني» و «الشَّرح»: (وهذا فاسِدٌ؛ لأِنَّ قَولَه: معها اثْنَتانِ لا يُؤدِّيه معنى الواحدة، ولا يَحتَمِلُه، فنِيَّتُه فيه نيَّةٌ مجرَّدةٌ، فلا تَعْمَلُ، كما لو


(١) في (م): الكثير والقليل.
(٢) في (م): وهو.
(٣) في (م): العدة.
(٤) قوله: (كقوله) سقط من (م).
(٥) ينظر: المغني ٧/ ٤٨٣.
(٦) في (م): قاله.