للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَعَنْهُ: يَحْنَثُ)، اختاره الخِرَقِيُّ، وصحَّحه في «المغني»؛ لأِنَّ اليمينَ تقتضي (١) المنعَ من المحلوف عليه، فاختصَّ المنْعُ بشيءٍ منه؛ كالنَّهيِ، (إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَهُ).

فَعُلِمَ منه: أنَّ الخلافَ إنما هو في اليمين المطْلَقة، فإن نَوَى الجميعَ أو البعض (٢)؛ عمل بنيَّته، وكذا إنْ كان قرينةٌ.

وعلى الأولى (٣): لو حَلَفَ على مَنْ يَمتَنِع بيمينه؛ كزوجةٍ وقَرابةٍ، وقَصَدَ مَنْعَه، ولا نيَّةَ ولا سببَ ولا قرينةَ؛ لم يَحنَثْ بفِعْل بعضه.

(وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ؛ لَمْ يَبَرَّ (٤) حَتَّى يَفْعَلَ جَمِيعَهُ)؛ لأِنَّ ذلك حقيقةُ اللَّفظ، ولأِنَّ مطلوبَه تحصيلُ (٥) الفعل، فهو كالأمر، ولو أمر الله تعالى بشيءٍ لم يَخرُجْ عن العُهْدة إلاَّ بفِعْلِ جميعه، فكذا هُنا.

(وَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ، أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ، أَوْ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ، فَشَرِبَ بَعْضَهُ؛ خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَينِ) في فِعْلِ بعض المحلوف عليه، والمذْهَبُ: أنَّه لا يَحنَثُ، كما لو حَلَفَ لا يَبِيعُ عبدَه، ولا يَهَبُه، فباعَ أوْ وَهَبَ بعضَه.

(وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَشْرَبُ (٦) مَاءَ هذا النَّهْرِ، فَشَرِبَ مِنْهُ؛ حَنِثَ) وَجْهًا واحدًا؛ لأِنَّ فعلَ الجميع ممتنِعٌ، فلا تُصرَفُ اليمينُ إليه، وكذلك إنْ قال: واللهِ لا آكُلُ الخبزَ، ولا أشْرَبُ الماءَ، ممَّا عُلِّق على اسم جنسٍ أوْ جَمْعٍ؛ كالمسلمين، فإنَّه يَحنَثُ بفِعْل البعض.


(١) في (م): يقتضي.
(٢) في (م): والبعض.
(٣) في (م): الأول.
(٤) في (م): لم يبرأ.
(٥) في (م): يحصل.
(٦) في (ظ): لا شربت.