للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنَّما سمَّاه محلِّلاً تَجَوُّزًا، ولأِنَّ الحِلَّ إنَّما يَثبُتُ في محلٍّ فيه تحريمٌ، وهي المطلَّقة ثلاثًا، وههنا هي حلالٌ له، فلا يَثبُتُ فيها حِلٌّ.

(وَإِنْ (١) ارْتَجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ، فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ مَنْ أَصَابَهَا؛ رُدَّتْ إِلَيْهِ)، وحاصِلُه: أنَّ زَوجَ الرَّجْعيَّةِ إذا راجعها مِنْ حيثُ لا تَعلَمُ؛ صحَّت المراجَعةُ؛ لأِنَّها لا تَفتَقِرُ إلى رضاها، فلم يُفتَقَرْ إلى عِلْمِها؛ كطلاقها، فإذا راجَعَها ولم تَعلَمْ، فانْقَضَتْ عِدَّتُها، وتزوَّجَتْ، ثُمَّ جاء وادَّعى أنَّه كان راجَعَهَا قبلَ انْقِضاءِ عِدَّتِها، وأقام البينة على ذلك؛ فهي زوجتُه، وأنَّ نكاحَ الثَّاني فاسِدٌ؛ لأِنَّه تزوَّجَ امرأةَ غيرِه، وتُرَدُّ إلى الأوَّل، سواءٌ دَخَلَ بها الثَّاني أو لا، وهو قولُ أكثرهم؛ لأِنَّها رجعةٌ صحيحةٌ، وتزوَّجتْ وهي زوجةُ الأوَّلِ، فلم يَصِحَّ؛ كما لو لم يُطلِّقْها، (وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) من الثَّاني؛ لأِنَّها مُعتدَّةٌ مِنْ غيره، أشْبَهَ ما لو وُطِئَتْ في أصل نكاحه.

(وَعَنْهُ: أَنَّهَا زَوْجَةُ الثَّانِي) إنْ دَخَلَ بها، ويَبطُلُ نكاحُ الأوَّلِ، رُوِيَ عن عمرَ (٢)، وسعيدِ بنِ المسيَّب، وغيرِهما؛ لأِنَّ كلَّ واحِدٍ منهما عَقَدَ عليها،


(١) في في (م): فإن.
(٢) أخرجه مالك (٢/ ٥٧٥)، بلاغًا: أن عمر بن الخطاب قال في المرأة يطلقها زوجها وهو غائب عنها، ثم يراجعها، فلا يبلغها رجعته، وقد بلغها طلاقه إياها، فتزوجت أنه: «إن دخل بها زوجها الآخر أو لم يدخل بها، فلا سبيل لزوجها الأول الذي كان طلقها إليها»، وهو منقطع. وأخرجه عبد الرزاق (١٠٩٧٩)، وسعيد بن منصور (١٣١٦)، وابن أبي شيبة (١٨٩٠٩)، عن إبراهيم النخعي قال: طلق أبو كنف رجل من عبد القيس امرأته واحدة أو اثنتين، ثم أشهد على الرجعة، فلم يبلغها حتى انقضت العدة، ثم تزوجت، فجاء إلى عمر بن الخطاب فكتب إليه إلى أمير المصر: «إن كان دخل بها الآخر فهي امرأته، وإلا فهي امرأة الأول»، وإبراهيم عن عمر منقطع، ومراسيله حسان. وأخرجه عبد الرزاق (١٠٩٧٨)، عن ابن المسيب عن عمر نحوه، وهذا إسناد صحيح، ورواية سعيد عن عمر محمولة على الاتصال.