للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مكحولٌ والزُّهْريُّ: تطليقةٌ رجعيَّةٌ؛ لأنَّ (١) هذه مُدَّةٌ ضُرِبَتْ لاِسْتِدْعاء الفعل منه، أشْبَهَ مدَّة العُنَّة.

وجوابُه: ظاهِرُ الآية، والفاء للتَّعقيب، ثُمَّ قال: ﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧)[البَقَرَة: ٢٢٧]، ولو وَقَعَ بمضي (٢) المدَّة؛ لم يَحتَجْ إلى عَزْمٍ عليه، وقوله: ﴿سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ يَقتَضِي أنَّ الطَّلاقَ مسموعٌ، ولا يكونُ المسموعُ إلاَّ كلامًا، ولأِنَّها مُدَّةٌ ضُرِبَتْ تأجيلاً، فلم تَستَحِقَّ المطالَبةَ فيها؛ كسائر الآجال، ومُدَّة العُنَّة حُجَّةٌ لنا، فإنَّ الطَّلاقَ لا يَقَعُ إلاَّ بمُضِيِّها، ولأِنَّ مدَّةَ العُنَّة ضُرِبَتْ لِيُختَبَرَ فيها، ويُعرَفَ عَجْزُه عن الوطء بتركه (٣) في مدَّتها، وهذه ضُرِبتْ تأخيرًا لها وتأجيلاً، ولا تستحقُّ (٤) المطالَبةَ إلاَّ بمُضِيِّ الأجل؛ كالدَّين.

وفي «الموجز» (٥): يُضرَبُ للكافر المدَّةُ بعدَ إسْلامِه.

والمذهَبُ: أنَّ ابْتِداءَها من حِينِ اليمين، ولا يَفتَقِرُ إلى ضَرْبٍ؛ لأِنَّها ثبتت (٦) بالنَّصِّ والإجماع؛ كمُدَّةِ العُنَّة.

(فَإِنْ كَانَ بِالرَّجُلِ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ)؛ كمَرضٍ وصَومٍ؛ (احْتُسِبَ (٧) عَلَيْهِ بِمُدَّتِهِ)؛ لأِنَّ المانِعَ مِنْ جِهَتِه، وقد وُجِدَ التَّمكينُ الذي عليها، وكذلك لو


(١) في (م): ولأن.
(٢) في (م): بمعنى.
(٣) في (ظ): تركه.
(٤) في (م): ولا يستحق.
(٥) كتب في هامش (ظ): (لعله الوجيز).
(٦) في (ظ): تثبت.
(٧) في (م): احتسبت.