للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال داودَ: العَودُ تَكرارُ الظِّهار مرَّةً ثانيةً (١).

(وَقَالَ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ)، وغَيرُهما: (هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ)، وذَكَرَه ابنُ رَزِينٍ روايةً؛ لأِنَّه قَصَدَ تحريمَها، فإذا عَزَمَ على الوطء فقد عادَ فيما قَصَدَ، ولأِنَّ الوَطْءَ تحريمٌ، فإذا عَزَمَ على استباحتها؛ فقد رَجَعَ عن ذلك التَّحريمِ، فكان عائدًا، ولأِنَّ اللهَ تعالى أمَرَ بالتَّكفير عَقِبَ العَود قبلَ التَّماسِّ.

وكلامُه مُشْعِرٌ: بأنَّ العَودَ لَيسَ هو إمْساكَ المظاهَر منها عقب (٢) يمينه، وصرَّح به في «المغْنِي»، وعلَّله: بأنَّ الظِّهار تحريمٌ قَصَدَه وفِعْلُ ما حَرَّمَه، دُونَ الإمساكِ، ولأِنَّ العَودَ فِعْلٌ، والإمساكَ تَرْكُ الطَّلاقِ، ولقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ [المجَادلة: ٣]، و «ثُمَّ» للتَّراخِي والمهْلةِ، وذلك يُنافِي الإمساك (٣) عَقِبَ الظِّهارِ. وحاصِلُه: أنَّهم لم يوجبوا (٤) الكفَّارةَ على العازِمِ على الوطء إذا ماتَ أحدُهما، أو طلَّقَ قبلَ الوطء إلاَّ أبا الخطاب (٥)، فإنَّه قال: إذا ماتَ بعدَ العزم، أوْ طلَّق فعليه الكفَّارةُ، وهذا قَولُ مالِكٍ وأبي عُبَيدٍ (٦)، وأنكره أحمدُ (٧)، وقال القاضي وأصحابُه: لا كفَّارةَ عليه، حكاه المؤلِّفُ، وقَطَعَ في «المحرَّر» بالكفَّارة، وحكاه عن القاضي وأصحابه.

(وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ طلَّق؛ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ)، وحاصِله: أنَّ الكفَّارة لا


(١) ينظر: المغني ٨/ ١٧.
(٢) في (م): عقيب.
(٣) قوله: (ولأن العود فعل والإمساك … ) إلى هنا سقط من (م).
(٤) قوله: (أنهم لم يوجبوا) في (م): لم يوجب.
(٥) قوله: (أبا الخطاب) في (م): بالخطاب.
(٦) المدونة ٢/ ٣٢١.
(٧) ينظر: زاد المسافر ٣/ ٣٣٣.