للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَسَبِ)، قاله النَّبيُّ حِينَ أُرِيدَ على ابْنَةِ حَمْزةَ، فقال: «إنَّها (١) لا تَحِلُّ لي، إنَّها لَابْنَةُ أخِي من الرَّضاعة، ويَحرُمُ مِنْ الرَّضاعة ما يَحرُمُ من النَّسب» مُتَّفَقٌ عليه مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ (٢)، وعن عائشةَ: أنَّ النَّبيَّ ، قال: «الرّضاعُ يُحرِّمُ ما تُحرِّمُ الوِلادةُ» مُتَّفَقٌ عليه (٣).

(وَإِذَا حَمَلَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ رَجُلٍ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْهُ)؛ أيْ: يكونُ لاحِقًا بالواطِئِ، يَحتَرِزُ بذلك: عن (٤) الوَلَدِ المنفَيِّ باللِّعان ونحوِه؛ (فَثَابَ لَهَا لَبَنٌ)، يُخرِجُ بذلك: ما لو كان لها لَبَنٌ مِنْ غَيرِه، فإنَّه لا يكونُ ولدًا للرَّجل؛ لأِنَّ اللَّبنَ لَيسَ منه، (فَأَرْضَعَتْ (٥) بِهِ طِفْلاً؛ صَارَ وَلَدًا لَهُمَا)؛ أيْ: للمرأة (٦) بغَيرِ خِلافٍ (٧)، وكذا لِمَنْ يُنسَبُ الحَمْلُ إليه، (فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ)؛ لأِنَّ اللهَ تعالى عَطَفَ الأمَّ من الرَّضاع على المحرَّمات نكاحُهنَّ من النسب (٨)، (وَإِبَاحَةِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ)؛ لأِنَّ الأمَّ من الرَّضاعِ مُحرَّمةٌ على التَّأْبيد، أشْبَهَت الأمَّ من النَّسَب، (وَثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ)؛ لأِنَّها فَرْعٌ على التَّحريم إذا كان بسببٍ مُباحٍ.

وفي ذلك إشْعارٌ بأنَّه لا يَصِيرُ وَلَدًا في شَيءٍ مِنْ بقيَّةِ أحْكامِ النَّسَب؛ من النَّفقة، والعِتْق، وردِّ الشَّهادة، وغيرِ ذلك؛ لأِنَّ النَّسَبَ أقْوَى منه، فلا يُقاسُ عليه.

(وَأَوْلَادُهُ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْلَادُ وَلَدِهِمَا)؛ لأِنَّهم أوْلادُ الطِّفل، وهو وَلَدُهما.


(١) في (م): قال: لأنها.
(٢) أخرجه البخاري (٥١٠٠)، ومسلم (١٤٤٧)، واللفظ لمسلم.
(٣) أخرجه البخاري (٣١٠٥)، ومسلم (١٤٤٤)، ولفظهما: «الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة».
(٤) قوله: (عن) سقط من (م).
(٥) في (م): فإن أرضعت.
(٦) في (م): للمرضعة.
(٧) ينظر: الإجماع لابن المنذر ص ٨٢، مراتب الإجماع ص ٦٧.
(٨) في (م): بالنسب.