للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأوَّل أَوْلَى، ويُفرَّقُ بَينَها (١) وبَينَ ابْنَتِه من الزِّنى، فإنَّها من (٢) نُطْفَتِه حقيقةً، ويُفارِقُ تحريمَ المصاهَرَة، فإنَّ التَّحريمَ لا يَقِفُ على ثبوت النَّسَب، ولهذا تَحرُمُ أُمُّ زَوجَتِه وابْنتُها مِنْ غَيرِ نَسَبٍ، وتحريمُ الرّضاع مَبْنِيٌّ على النسب (٣) بقوله : «يَحرُمُ من الرَّضاع ما يَحرُمُ من النَّسَب» (٤).

(قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ)، هذا هو المذْهَبُ؛ أيْ: حُكْمُه حكمُ ولدِ الزِّنى؛ لاِشْتِراكِهما في ارْتِضاعِهما لَبَنَ امرأةِ الرَّجل، وعَدَمِ ثُبوتِ نَسَبِهما منه، فيكونُ فيه الخِلافُ السَّابِقُ.

(وَيَحْتَمِلُ: أَلاَّ يَثْبُتَ حُكْمُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ الْمُلَاعِنِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنِهِ حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا)، بخِلافِ وَلَدِ الزِّنى؛ لأِنَّ الولدَ مِنْ الزاني (٥) حقيقةً، فكان اللَّبَنُ منه، واللَّبَنُ لم يَثبُتْ من المُلاعِنِ حقيقةً ولا حُكْمًا.

فعلى الأوَّلِ: إنْ أرْضَعَتْ أُنْثى حَرُمَتْ عليهما بالصِّهْريَّة؛ لأِنَّها بنتُ مَوطُوءةِ الزَّاني وربيبةُ المُلاعِن، وإنْ أرْضَعَتْ ذَكَرًا حَرُمَ عليه بِنتْاهُما وأوْلادُهما، وتَحرُمُ بِنْتُه وبِنتُها عليهما، وقِيلَ: لَا.

(وَإِنْ وَطِئَ رَجُلَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ، فَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهِ طِفْلاً؛ صَارَ ابْنًا لِمَنْ ثَبَتَ نَسَبُ الْمَوْلُودِ مِنْهُ)؛ لأِنَّ تحريمَ الرّضاع فَرْعٌ على ثُبوتِ النَّسَب، وظاهِرُه: لا فَرْقَ بَيْنَ أنْ يَثْبُتَ بِقائِفةٍ أوْ غيرِها، ذَكَرَه في «الشَّرح»، واقْتَصَرَ في «الفروع» على الأوَّل.

(وَإِنْ أُلْحِقَ بِهِمَا)، قال (٦) في «التَّرغيب» وغَيرِه: أوْ ماتَ ولم يَثبُتْ نسَبُه؛


(١) في (م): بينهما.
(٢) في (م): في.
(٣) قوله: (ولهذا تحرم أم زوجته وابنتها … ) إلى هنا سقط من (م).
(٤) أخرجه البخاري (٥١٠٠)، ومسلم (١٤٤٧)، من حديث ابن عباس .
(٥) في (م): الزنى.
(٦) في (م): قاله.