للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَلَهُ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ فَاضِلاً عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ) ورقيقِه، يَومَه ولَيلتَه، من كَسْبِه وأُجْرَةِ ملْكِه؛ لقَولِه : «ابْدَأْ بنَفْسِكَ، ثُمَّ بمَنْ تَعُولُ» (١)، ولأِنَّها مُواساةٌ، فلم تَجِبْ على المُحْتاجِ؛ كالزَّكاة.

(وَكَذَلِكَ تَلْزَمُهُ (٢) نَفَقَةُ سَائِرِ آبَائِهِ وَإِنْ عَلَوا، وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا)، في قَولِ الجُمْهور؛ لِدُخولِهم في اسْمِ الآباء والأَوْلادِ؛ لقوله تعالَى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النِّسَاء: ١١]، فيَدخُلُ فيه ولدُ البَنِينَ، وقال: ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ﴾ [النِّسَاء: ١١]، وقال: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الحَجّ: ٧٨]، ولأِنَّ بَينَهُما قرابةً، فَوَجَبَ العِتْقُ وردُّ الشَّهادة، أشْبَهَ الولَدَ والوالِدَينِ القَرِيبَينِ.

(وَتَلْزَمُهُ (٣) نَفَقَةُ كُلِّ مَنْ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ مِمَّنْ سِوَاهُمْ)، ظاهِرُ المذْهَبِ: أنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ على كلِّ وارِثٍ لِمورُوثِه بشَرْطِ: إرْثِ المنفِقِ، وغِناهُ، وفَقْرِ المنْفَقِ عَلَيهِ، (سَوَاءٌ وَرِثَهُ الآْخَرُ)؛ لقوله تعالَى: ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [البَقَرَة: ٢٣٣]، أوْجَبَ النَّفَقَةَ على الأب، ثُمَّ عَطَفَ الوارِثَ عليه، وذلك يَقتَضِي الاِشْتِراكَ في الوُجوب، (أَوْ لَا) يَرِثُه؛ (كَعَمَّتِهِ وَعَتِيقِهِ)؛ أيْ: كابْنِ الأخ مع عَمَّتِه، والمعتِقِ مع عَتِيقِه؛ للآية.

(وَحُكِيَ عَنْهُ: إنْ لَمْ يَرِثْهُ الآخَرُ (٤)؛ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ)؛ لأِنَّ الوارِثَ أحدُ القَرابَتَينِ، فلم تلزمه (٥) نَفَقةُ قريبه؛ كالآخَر.


(١) مركب من حديثين الأول: أخرج مسلمٌ (٩٩٧)، من حديث جابر ، والثاني: أخرجه البخاري (١٤٢٦)، من حديث أبي هريرة ، وسبق التنبيه على ذلك ٣/ ٣٨٦ حاشية (٨).
(٢) في (م): يلزمه.
(٣) في (م): ويلزمه.
(٤) زيد في (م): كابن الأخ وابن العم وما أشبهه.
(٥) في (م): فلم يلزمه.