للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نقول (١): إذا جَمَعَ بَينَه وبَينَ سَبُعٍ أَوْ نَمِرٍ في مكانٍ ضيِّقٍ؛ كزُبْيةٍ ونحوِها، فَقَتَلَه؛ فهو عَمْدٌ فيه (٢) القَوَدُ؛ لأِنَّه إذا تعمَّد الإلْقاءَ؛ فقد تعمَّدَ قَتْلَه بما يقتل (٣) غالِبًا.

وإنْ فَعَلَ به فِعْلاً لو فَعَلَه الآدَمِيُّ لم يكُنْ عَمْدًا؛ لم يَجِب القَودُ؛ لأِنَّ السَّبُعَ صار آلَةً للآدَمِيِّ، فكان فِعلُه كفعله (٤).

فإنْ ألْقاهُ مكتوفًا في فضاء (٥)، فقتله؛ فعليه القود، وكذا إنْ جَمَعَ بَينَه وبَينَ حيةٍ (٦) في مكانٍ ضيِّقٍ، فنَهَشَتْهُ وقتلته (٧).

وقال القاضِي: لا يَجِبُ الضَّمانُ في الصُّورَتَينِ؛ لأِنَّ الأسَدَ والحَيَّةَ يَهرُبانِ مِنْ الآدَمِيِّ.

وجَوابُه: أنَّ هذا يَقتُلُ غالِبًا، فكان عَمْدًا مَحْضًا، والأَسَدُ يَأخُذُ الآدَمِيَّ المُطلَقَ فكَيفَ يَهرُبُ مِنْ مَكتُوفٍ؟ والحية إنَّما تهرب (٨) في مكانٍ واسِعٍ.

وذَكَرَ القاضِي فِيمَنْ أُلْقِيَ مكتوفًا في أرْضٍ مَسْبَعَةٍ، أوْ ذاتِ حيَّات فقتلْنَه (٩): أنَّ في وُجوبِ القِصاصِ رِوايَتَينِ، وهذا يُناقِضُه، فإنَّه نَفَى الضَّمانَ بالكُلِّيَّةِ في صُورةٍ كان القَتْلُ فِيهَا أغْلَبَ، وأوْجَبَ القصاص (١٠) في صورةٍ كان


(١) في (م): تقول.
(٢) قوله: (فيه) سقط من (م).
(٣) زيد في (م): به.
(٤) قوله: (كفعله) سقط من (م).
(٥) قوله: (في فضاء) سقط من (ن).
(٦) في (م): حاجة.
(٧) في (م): فنهشه وقتله.
(٨) قوله: (والحية إنما تهرب) في (م): إنما يهرب.
(٩) في (م): فقتله.
(١٠) قوله: (وهذا يناقضه … ) إلى هنا سقط من (م).