للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النَّفْس، والدِّيةُ إنْ عَفَا عنه؛ لأِنَّه لم (١) يَخرُجْ بجُرْحِ الأوَّل مِنْ حُكْمِ الحياة.

(وَعَلَى الْأَوَّلِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَ)؛ لأِنَّه حَصَلَ بجنايته (٢)، (بِالْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ)؛ لأِنَّ الجناية (٣) تارةً تكونُ مُوجِبةً للقصاص؛ كقَطْعِ اليَدِ عَمْدًا، وتارةً لا تكونُ كذلك؛ كقطعها خطأً، لكِنَّ جُرْحَ الأوَّل إنْ كانَ مُوجِبًا للقصاص؛ خُيِّر بَينَ قَطْعِ طَرَفِه والعَفْوِ على ديته (٤) والعَفْوِ مُطلَقًا، وإنْ كان لا يُوجِبُ قودًا (٥) كالجائفة؛ فعَلَيهِ الأَرْشُ، وإنَّما جَعَلْنا عليه القِصاصَ؛ لأِنَّ الثَّانيَ بفعله (٦) قَطَعَ سِرايَةَ الأوَّلِ.

وإنْ كان جُرْحُ الأوَّل يُفْضِي إلى الموت لا مَحالَةَ، إلاَّ أنَّه لا يَخرُجُ به مِنْ حُكْمِ الحياة، وتَبْقَى معه الحياةُ المستقرة (٧)؛ فالقاتِلُ هو الثَّاني؛ لأِنَّ عمرَ لَمَّا جُرِحَ وسُقِيَ لبنًا، فخَرَجَ من جَوفِه، فعَلِمَ أنَّه ميِّتٌ، وعهد (٨) إلى النَّاس، وجَعَلَ الخِلافَةَ في أهْلِ الشُّورَى؛ فقَبِلَ الصَّحابةُ عَهْدَه، وعَمِلُوا به (٩).

(وَإِنْ رَمَاهُ مِنْ شَاهِقٍ، فَتَلَقَّاهُ آخَرُ بِسَيْفٍ فَقَدَّهُ؛ فَالْقَاتِلُ هُوَ الثَّانِي)؛ لأِنَّه فَوَّتَ حَيَاتَه قبلَ المصير إلى حالٍ يُيأَس (١٠) فيها من حياته، أشْبَهَ ما لو رَماهُ بِسَهْمٍ، فبادَرَهُ آخَرُ فَقَطَعَ عُنُقَه قبلَ وُصولِ السَّهم إلَيهِ، ولأِنَّ الرَّمْيَ سببٌ (١١)


(١) قوله: (لم) سقط من (م).
(٢) في (ن): بحياته.
(٣) في (ظ): الحياة.
(٤) قوله: (والعفو على ديته) سقط من (ن).
(٥) قوله: (قودًا) سقط من (م).
(٦) في (م): بفعاله.
(٧) في (م): المسترة.
(٨) في (م): وعمد.
(٩) أخرجه البخاري (٣٧٠٠)، في قصة مقتل عمر وبيعة عثمان .
(١٠) قوله: (إلى حال ييأس) في (م): حالة يئس.
(١١) في (م): بسبب.