للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكذلك كلُّ شَريكَينِ امْتَنَعَ القَوَدُ في حقِّ أحَدِهما لمعنًى (١) فيه مِنْ غَيرِ قُصورٍ في السَّبَب؛ كمُسْلِمٍ وذِمِّيٍّ في قَتْلِ ذِمِّيٍّ.

(وَسقُوطُهُ عَنْ شَرِيكِ الْخَاطِئِ)، في قَولِ أكثرِ العلماء؛ لأِنَّه لم يَتَمَحَّضْ عَمْدًا، فلم يَجِبْ به قَوَدٌ؛ كشِبْهِ العمد، وكما لو قَتَلَه واحِدٌ بجُرحَينِ عمدًا وخَطَأً.

وكذا الخِلافُ لو اشْتَرَكَ مُكلَّفٌ وغَيرُ مُكلَّفٍ، والأصحُّ في المذهب: أنَّه لا قِصاصَ على البالِغِ، وهو قَولُ الحَسَنِ والأَوْزاعيِّ؛ لأِنَّه شارَكَ مَنْ لا إثم (٢) عليه في فِعْلِه؛ كشَريكِ الخاطِئِ.

(وَفِي شَرِيكِ السَّبُعِ، وَشَرِيكِ نَفْسِهِ؛ وَجْهَانِ)، وصُورَتُه: أنْ يَجرَحَه أَسَدٌ أوْ نَمِرٌ، أوْ يجرحه (٣) إنسانٌ ثُمَّ يَجرَحَ نَفْسَه مُتعَمِّدًا، وهما في شريكِ الوليِّ المقْتَصِّ، وشَرِيكِ القاطِعِ حَدًّا، وشَرِيكِ دَفْعِ الصَّائلِ:

أحدُهما: لا قِصاصَ فيه؛ لأِنَّه شارَكَ مَنْ لا يَجِبُ عليه القِصاصُ؛ كشَرِيكِ الخاطِئِ، بَلْ أَوْلَى.

والثَّاني: عَلَيهِ القِصاصُ، واخْتارَه أبو بكرٍ، وجَزَمَ به في «الوجيز»، وهو المنصوصُ؛ لأِنَّه قَتْلٌ عَمْدٌ مُتمحِّض (٤)، فَوَجَبَ القِصاصُ على الشَّريك؛ كشريكِ الأبِ.

فأمَّا إنْ جَرَحَ نَفْسَه خَطَأً؛ فلا قِصاصَ على شريكه في الأصحِّ.

وإذا قُلْنا: لا قَوَدَ عَلَيهِ، أوْ عَدَل (٥) إلى طَلَبِ المال منه؛ لَزِمَه نصفُ الدِّية.


(١) في (م): بمعنى.
(٢) قوله: (لا إثم) في (م): الإثم.
(٣) في (م) و (ن): ويجرحه.
(٤) في (ن): يتمحض.
(٥) قوله: (أو عدل) سقط من (م).